واقع الأمة المرير … بقلم الشيخ شريف توتيو
قال الله تعالى : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.
و قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. (صدق الله العظيم).
قال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم : يدُ اللَّهِ معَ الجَماعةِ. وقال: فعليكم بالجماعةِ ؛ فإنما يأكل الذِّئبُ من الغنمِ القاصيةِ.
أراد الله لهذه الأمة .. أمة التوحيد .. أمة سيدنا محمد رسول الله صلى الله علي وآله وسلم أن تكون خير الأمم .. وخير أمة أخرجت للناس ، وهي كذلك حين تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، فأين أمتنا اليوم من تلك الآيات البينات؟ وهل هي تتحصن بحصن القرآن الكريم وتتمسك بحبل الله العظيم المتين ، وهل أمتنا اليوم تعتصم به وتتعاون فيما بينها على البر والتقوى والخير والصلاح والاصلاح؟
إن واقع الأمة اليوم واقع مرير لا يحسد عليه أبداً ، فالخلافات والنزاعات هي السائدة بين كثير من الحكام والملوك والأمراء والأنظمة، والتقاتل الداخلي وحروب الفتن الطائفية والمذهبية أعمت بصائرنا وطمست قلوبنا عن حقائق الأمور فانقلبت تلك الحقائق ليصبح الحق باطلاً والباطل حقاً ، وزاد الطين بلة البلاء الكبير والابتلاء الخطير الذي ابتليت به الأمة وهو بلاء الجماعات الارهابية التكفيرية المتطرفة التي هدمت وقتلت وسفكت الدماء وضللت الناس بكثير من الفتاوى الشاذة الضالة والبعيدة كل البعد عن ديننا الاسلامي الحنيف عدا عن الأكاذيب والافتراءات التي ما أنزل الله بها من سلطان، لذلك وجدنا من احتضن تلك الجماعات التكفيرية من دول الغرب الحاقدة الماكرة ومن أجهزة المخابرات العالمية الخبيثة إضافة إلى الاحتضان الواسع الكبير من قبل إدارة الشر الأمريكية والعدو الصهيوني الغاشم ، وكذلك وللأسف تم الاحتضان أيضاً من بعض الدول الإقليمية والخليجية العربية تحقيقاً لمصالحها وأهوائها الذاتية والشخصية إلا أنّ السحر انقلب على الساحر وحصل مالم يكن بالحسبان إذ تطاولت تلك المجموعات التكفيرية المتطرفة على تلك الدول سواء في الغرب أم في أمريكا أم في تركيا أو الدول الخليجية وضربتها وهددت مصالحها كرمى عيون الصهاينة الحاقدين الماكرين الذين نجوا لوحدهم من هذا الحقد الأعمى الدفين، وهنا السؤال والتساؤل: لماذا بقيت دويلة الكيان الصهيوني الغاصب بمنأى عن ضربات القاعدة وداعش والنصرة وكل الجماعات التكفيرية المتطرفة ؟ وهل أنّ فلسطين وتحريرها من براثن الاحتلال الاسرائيلي لا يعني لها شيئاً ؟ وهل الخلافة أو الدولة الاسلامية كما زعموا تسميتها هي لقتل الناس من المسلمين خاصةً وضرب الأمم وهدم معالم الحضارة والتاريخ وإضعاف الجيوش العربية وتفكيكها وضرب الاستقرار الداخلي وزعزعة الأمن ونشر الفوضى وإثارة البلبلة ومشاعر الحقد الأعمى الكريه والدفين إضافة إلى شرذمة الأمة وتفتيتها وتجزئتها وتحويلها إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية متناحرة هو الأصل في دعوتهم الضالة المضلة ؟ وبالتالي هل نشأت تلك الجماعات من أجل توفير الحماية اللازمة وإبعاد كل ملامح الخطر عن الكيان الصهيوني الغاشم؟
كثير من الأسئلة والتساؤلات تجول في الخاطر والأذهان والمطلوب اليوم هو جلسات وحلقات ولقاءات محورية بين كافة أطياف المجتمع الاسلامي من مفكريه ومثقفيه وعلمائه ودعاته وجماعاته وأحزابه المخلصين الصادقين وذلك للوصول إلى الحلول الناجعة كي تعود الأمة إلى سابق عهدها يوم حكمت بكتاب الله.. كتاب العدل والقسط والحق والنور والرحمة والتسامح والعفو عن الناس وكظم الغيظ والدفع بالتي هي أحسن بين المتخاصمين واتباع القول الأحسن وكتاب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وكل ذلك على منهج وسلوك محمد رسول الله صلى الله علي وآله وسلم خير من طبّق تعاليم كتاب الله ، فسبقت بذلك الأمم عدلاً وعلماً وتطوراً وحضارة وإنسانية وبنت الدولة القرآنية المحمدية بعدلها وإنصافها وحبها للحياة الكريمة بعيداً عن الظلم والقهر والذل والهوان حيث قال حينها وفي جزئية حاكمية تلك الدولة الاسلامية العادلة رسولُ ملك الروم حين سأل عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب فأشاروا إلى ذلك الرجل النائم تحت ظل شجرة فقال له: (عدلت فأمنت فنمت) ويقولون متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون؟ ولا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، والحمد الله رب العالمين.
كتبه الشيخ شريف توتيو /عضو قيادة جبهة العمل الاسلامي في لبنان.