جعفر فضل الله: الدول العربية التي تسعى للدخول إلى قلب أميركا من النافذة الإسرائيلية لا تتّعظ من تاريخ المحتلّين
اشار السيد جعفر فضل الله، خلال خطبتي صلاة الجمعة، في حارة حريك، الى “التحدّيات التي تلفح المنطقة العربية والإسلامية، هذه المنطقة التي تعيش في حالة من اللاتوازن، وتواصِلُ رحى التطبيع ضَغْطَها في سبيل ربط الدول العربية بالقاطرة الإسرائيلية، حتّى وأمّة الرّسالة قد حقّقت الانتصارات على هذا العدوّ، وحتّى في الوقت الذي يُمعن فيه العدو قتلاً واقتحاماً واعتقالاً للفلسطينيين، وتدنيساً للمسجد الأقصى، وفي ظل حكومة يمينية تعلن استعدادها للبطش أكثر بالفلسطينيين، واستصدار المزيد من القوانين التي تشرع قتلهم ومحاصرتهم، ومصادرة أملاكهم وتهديم بيوتهم، وبناء المزيد من المستوطنات في الضفّة”.
ورأى أن “العدو بات يعمل وفق استراتيجية جديدة تقوم على التطبيع مع الدول العربية وعدم الإصرار على التطبيع مع الشعوب؛ لأنّه يرى أن فتح الحدود والمطارات والمرافئ له وربما بناء السكك الحديدية معه لاحقاً، واستثمار الشركات الصهيونية داخل الدول العربية.. كل ذلك يجعله يدخل إلى قلب الساحات العربية ليصبح وجوده طبيعياً في ظل تكريسه لاغتصاب فلسطين وتهويد القدس والمسجد الأقصى”.
ولفت الى ان “لعل المشكلة تكمن في أن الدول العربية التي تسعى للدخول إلى قلب أميركا من النافذة الإسرائيلية تستعجل اللحظة، ولا تتّعظ من تاريخ هؤلاء المحتلّين عندما يتمكّنون من التجوّل في داخل البيت، فإنّهم لن يرضوا حتّى يكونوا مالكيه، هكذا ثقافتهم العنصريّة والعدوانيّة، وما إلى ذلك من شواهد قرآنيّة على ثقافتهم التي لا تزالُ ماثلة عمليًا في أكثر من تجربة حديثةٍ، لا في التاريخ في فقط. إنّه لمن غير المعقول، أن نكون أمّة الإسلام والعُروبة ونتنكَّرَ للانتصارات التي حقّقتها وتحقّقها فصائلُ من قلب الأمّة، لتكون دولُنا، بسياساتها واقتصادها وأمنها، خشبة خلاص للعدو الذي يعيش الاضطراب والانقسام والضعف الذل لم يعشه من قبل بهذه الصورة وهذه الكيفية. إنَّ أضعف الإيمان أن يتدارك هؤلاء الواقع، وأن يرتقوا إلى تطلّعات شعوبهم التي تشكّل الضمانة الحقيقيّة لهم”.
وذكر أن “لبنان الذي يستمر في حالة انتظار الخارج أن يأتي بالحلول، في حين يستمرُّ الواقع السياسي على ما اعتاده من آليّات لإدارة الاختلافات، عبر الكيد والمناكفة وتسجيل النقاط والنفخ في الطائفيّة وتغليب المنافع الشخصية على المصلحة العامّة، وتمنّيات الخارج على حاجات الداخل؛ حتّى ليخيَّل إلينا أنّ الوطن إذا خرجَ من الشغور في المواقع السياسيّة، فإنّه يلزمه طويلًا ليخرج من ذهنيّة الحرب التي نزعت بزّة الحرب الأهليّة ولكنّ الكثيرين مستعدّون للابتزاز بها لتعطيل الحلول كلّما لاحت في الأفق. لعلّ أكثر ما يؤلم المرء في هذا البلد أنّ كثيرين من الذين يملكون زمامه يتحرّكون وكأنّهم مواطنون في دولٍ أخرى من دون أن يحملوا جنسيّاتها”.