أزمة ثقة قوية بين نتنياهو وجيش الكيان “الإسرائيلي”
رأى الكاتب السياسي، في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، ناحوم برنياع أنّ “كابينت” الطوارئ سيضطر إلى اتخاذ قرار ذي أهمية مصيرية في الأيام القادمة أو ربما في الساعات القادمة. وأشار برنياع إلى الخبر الذي نُشر، أمس (الأحد)، عبر شبكة “سي أن أن”، والذي أفاد أن إطلاق سراح المواطنتين الأميركيتين يهوديت ونتالي رعنان عزّز الشعور لدى الطاقم الأميركي بإمكان إطلاق سراح أسرى آخرين عبر المفاوضات.
ونقلت الشبكة، عن مسؤولين في واشنطن، قولهم: “إن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطًا على “إسرائيل” كي تؤجل المناورة البرية إلى القطاع من أجل السماح بالتقدم في موضوع الأسرى”، فيما نفت مصادر في كيان العدو وجود ضغوط أميركية كهذه. ولفت برنياع إلى أنّ: “المتحدث باسم جيش الاحتلال صرّح، أمس، علنًا أنه ينتظر مصادقة المستوى السياسي للعمل البري، وعدا النقاش حول التوقيت، نشأت أزمة ثقة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والجيش الإسرائيلي وداخل “الكابينيت” المقلّص و”الكابينيت” الموسع”.
ووفقًا لــــ”برنياع”، فإنّ الثقة هذه تلحق ضررًا آخر إضافة إلى الضرر الرهيب الذي لحق بـ”إسرائيل” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهذه الأزمة تضع مصاعبَ أمام التقدم في الحرب وأمام اتخاذ القرارات، وضمنها القرارات المؤلمة، فيما “إسرائيل” بحاجة الآن إلى قيادة فعّالة ومُركّزة على مهمتها.
وتابع الكاتب: “الرئيس الأميركي جو بايدن مقتنع بأنّ التركيز على موضوع الأسرى الإسرائيليين في غزة، والذين يحمل قسم منهم جنسية أميركية أيضًا، يسبق أي خطوة أخرى، بما في ذلك الاجتياح البري.. خلافًا للوضع في العام 1973، حين كانت الحكومة الإسرائيلية في أثناء حرب تشرين تقوم بمهامها، فإنّ الأمور جارية في “إسرائيل” اليوم، لكن لا توجد إدارة تعمل. وهذه مصيدة 23″.
وأضافت الصحيفة أن: “إسرائيل” كانت تريد الفصل بين مسألة الدخول البري ومسألة الأسرى. وفي الظروف التي نشأت؛ ثمّة شك إذا كان هذا الفصل ممكنًا. وهذه المرة، وبالرغم من النوايا الحسنة، فإنّ لاعبي التعزيز بيني غانتس وغادي آيزنكوت يتركان بصمة مقلّصة على النتيجة النهاية، حاليًا على الأقل. وبموجب الاتفاق الذي وقعاه مع نتنياهو، لا يمكنهما التقاء ضباط خارج مداولات “الكابينيت” إلّا بعد مصادقة رئيس الحكومة”؛ بحسب تعبير الصحيفة.
وينقل الكاتب شهادات جهات سياسية وعسكرية تقول إنّ الحكومة تواجه صعوبة باتخاذ قرارات بالاتفاق في مواضيع مركزية مطروحة على أجندتها. والأسبوع الماضي، منع نتنياهو عملية عسكرية استباقية ضد حزب الله، كان قد طالب وزير الحرب يوآف غالانت والجيش الإسرائيلي بشنها. ووفقًا لــــ”برنياع”، ينفي نتنياهو هذا الأمر، علمًا أن الإدارة الأميركية طلبت من “إسرائيل” الامتناع عن توجيه ضربة استباقية كهذه لحزب الله، فيما وزير- لم يجرؤ على ذكره اسمه- وصف نتنياهو بأنه “جبان”.
وتابعت الصحيفة: “أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) تسبّبت بأزمة ثقة: نتنياهو غاضب على قيادة الجيش الإسرائيلي، ويرى أنهم يتحمّلون مسؤولية كل ما حدث. ويتعامل بنفاد صبر مع الآراء والتقديرات التي يقولها الضباط برتبة لواء، ولا يسارع إلى تبني الخطط التي يقدمونها. وليس صدفة أنه التقى مرتين، في الأيام الأخيرة، مع اللواء المتقاعد يتسحاق بريك الذي ينتقد بشدة قدرات سلاح البر ويعارض عملية برية في غزة”. وأضافت :”العلاقات بين نتنياهو وغالانت تضع مصاعب كبيرة أمام عمل مشترك بينهما، وقد نشأت الترسبات بينهما في آذار/مارس الماضي، عندما أقال نتنياهو غالانت واضطر إلى التراجع لاحقًا. وتفاقمت هذه الترسبات بعد تسريب معلومات لوسائل الإعلام حول منع نتنياهو ضربة استباقية ضد حزب الله”.
وأردفت الصحيفة: “المواجهة بين نتنياهو وغالانت ليست على خطط الحرب فقط، وإنما على خلفية شخصية. نتنياهو يجهّز نفسه لكفاح جماهيري سيبدأ بكل قوة عندما يستقر الوضع الميداني. أنصاره في الشبكة الاجتماعية يحمّلون المسؤولية عن الكارثة للمؤسسة الأمنية، من غالانت ورئيس هيئة الأركان العامة ومرؤوسيه”.
وتابع برنياع قوله: “الحكومة أعلنت هدف الحرب، والذي يشككون به في الجيش الإسرائيلي لناحية إذا كان قابلًا للتحقيق. نتنياهو وغالانت تعهّدا، في تصريحات مختلفة، بمحو “حماس” عن وجه غزة. ولم يفسرا ما هو المعنى الفعلي لهذا التعهّد. ورئيس هيئة الأركان العامة هيرتسي هليفي قال: “سوف نفكك البنية التحتية التنظيمية كلها الموجودة تحت (يحيى) السنوار، لكن كيف سيتحقق هذا الهدف؟ هل في مدينة غزة فقط، أم بسيطرة كاملة على القطاع كله؟”.
ووفقًا للكاتب، يتهم الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأنه لم يضع أمام الجيش أهدافًا واضحة. ربما هذا صحيح، لكنّ جيشًا يتجه إلى الحرب من دون توضيح كيف سيعلم إذا كان قد انتصر؟ وعدا الحديث عن كيفية الخروج من ساحة القتال، ينبغي على الأقل أن يحذر من أن الوضع بهذا الشكل، وكان قد حذّر الجيش الإسرائيلي في السنة الأخيرة من الأزمة الحاصلة بسبب الانقلاب القضائي، وهذه المرة، حسبما هو معلوم لنا على الأقل، كتم صوته.
وتابع الكاتب: “لم تجرِ مداولات حول مسألة كيف سيكون الواقع في غزة بعد طرد “حماس”، هذا إذا طُردت، لا في الجيش ولا في الحكومة. و”إسرائيل” تسعى إلى الدخول إلى غزة من دون توضيح متى، وكيف ستخرج من هناك وماذا ستبقي خلفها.. كان يمكن التوقع أن رئيس الحكومة ووزير الأمن (الحرب) سيديران الحدث العسكري، وبالمقابل مكتب رئيس الحكومة سيدير الحديث المدني. كلا الأمرين لم يحصلا، حتى الآن”.