تحقيق عسكري جديد عن 7 تشرين الأول/أكتوبر: إخفاقات قيادية بالجملة
ذكرت صحيفة “هآرتس” أن جيش الاحتلال قدّم، مساء أمس الخميس، إلى مستوطني “بئيري” نتائج التحقيق حول سير المعارك خلال عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وطوال اليوم التالي الذي قُتل فيه 101 من أعضاء المستوطنة وضيوفهم وأسر 32 آخرين.
كشف التحقيق إخفاقات وصفها بالـ”الأخلاقية والعملانية والقيادية” في أداء الجيش، وأظهر أنّ سكان المستوطنة أُهملوا لعدة ساعات. وأكد التحقيق أن: “حماس سيطرت على مستوطنة “بئيري”، والجيش “الإسرائيلي” أخفق في مهمّته في “الدفاع” عن سكانها”.
وأظهر التحقيق، من بين عدّة أمور، أن مئات المُقاتلين من عدة وحدات في الجيش وصلوا قريبًا من مدخل المستوطنة؛ لكنهم تجنّبوا الدخول إليها. إضافة لذلك، تبيّن أن القوات نقلت مُقاتلين جرحى في الوقت الذي قُتل فيه “الإسرائيليون” وأسروا إلى قطاع غزة، ولم يقدموا مساعدة للمستوطنين الذين أنقذوا أنفسهم.
ووفقًا ما جاء في التحقيق، غادرت قوات “إسرائيلية” المستوطنة من دون أن تبلّغ القادة، وقاتلوا بشكل “غير مهني” في منطقة مكتظة بالمستوطنين.
وبحسب النتائج، تسلّل إلى المستوطنة في ذروة الهجوم 340 مُقاتلًا فلسطينيًا، وفي “الدفاع” عنها قُتل 31 عنصرًا من القوات “الإسرائيلية”، من بينهم 23 جنديًا وعضوًا في مجموعات التأهب وثمانية عناصر من الشرطة. في الساعات الأولى من السيطرة على المستوطنة؛ كان هناك ما بين 50 إلى 80 مُقاتلًا من حماس، وحتى الساعة 13:00 حاربهم عناصر مجموعة التأهب التابعة للمستوطنة و”سكان” آخرون وحدهم.
وحدّد التحقق، والذي قدّمه اللواء احتياط ميكي أدلشتاين والمتحدث باسم الجيش العميد دانئيل هاغاري إلى السكان، أن “العدو- أي حماس- نجح في تنفيذ خطته بشكل كامل، وكان عبء المواجهة على مجموعة التأهب وبعض المستوطنين الذين شاركوا في القتال”.
كما أشار التحقيق إلى أن عددًا من قادة الوحدات أوعزوا إلى مقاتليهم بالخروج من المستوطنة من تلقاء أنفسهم. وقد أمر قائد وحدة شلداغ بعض جنوده بالمغادرة للقتال في منطقة معسكر “راعيم”؛ حيث مقر قيادة فرقة غزة، على الرغم من أن القتال العنيف كان يدور في المستوطنة في الوقت نفسه كان القتال في غزة. القائد لم ينسّق مغادرته مع قادته، ولم يحصل على إذن بذلك. وتبيّن من خلال التحقيق أن رأي القائد كان خاطئًا، على ما تورد “هآرتس”، إذ ترك المستوطنين وأعضاء مجموعة التأهب وحدهم في المعركة، حيث كانوا أقل عددًا ويفتقرون إلى السلاح والذخيرة.
وكشف التحقيق فجوات جوهرية في التصور والجواب العملاني للجيش حتى قبل غزو “بئيري”، مضيفًا أن الجيش لم يستعد لسيناريو تسلّل آلاف المُقاتلين الفلسطينيين إلى عشرات البؤر والمستوطنات، إنما لهجوم خلية أو مجموعة صغيرة من المقاتلين تحاول مهاجمة مستوطنة أو اثنتين.
ويتابع التحقيق أن “الجيش “الإسرائيلي” نشر عدة قوات، ليلة السادس من تشرين الأول/أكتوبر، لإعطاء جواب عن التسلل الى المستوطنات. إحدى القوات هي كتيبة “ناحل عوز” التي تُسمى “حامية بئيري”. التحقيق حدد أن الكتيبة لم تنفّذ مهامها، والمُقاتلين الذين كانوا جزءًا من القوة قُتلوا في بداية الهجوم. أيضاً القوة الرديفة التي كانت في مستوطنة “علوميم” المُتاخمة أُرسلت للمساعدة في القتال في موقع “ناحل عوز” بدلًا من إصدار تعليمات بالاشتباك داخل مستوطنة “بئيري”.
كذلك جاء في التحقيق أن الهجوم المفاجئ لحماس أحدث حالًا من البلبلة والصدمة في صفوف القادة والقوات، بدءًا من كبار المسؤولين وحتى الجنود في الميدان. قوات دخلوا للقتال في المستوطنة من تلقاء أنفسهم، ومن دون معرفة القوات التي كانت تعمل داخل المستوطنة، الأمر الذي جعل المقاتلين يخشون إطلاق نار متبادل.
في ختام التحقيق، يظهر أنه حتى ساعات ما بعد الظهر، لم ينجح المسؤولون في قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة من تقديم صورة وضع حيال ما حصل في المستوطنة. عمليًا، حتى حوالي الساعة 16:00 لم تكن فرقة غزة تعلم أن مستوطنة “بئيري” “يحتلّها” أكثر من 300 مُقاتل من حماس كانوا يفعلون ما يحلو لهم داخل المستوطنة.