“فورين أفيرز”: “إسرائيل” أمام خطر انهيار حقيقي
رأى الكاتبان إيلان بارون وإيلاي سالتزمان في مقالة نشرت بمجلة “فورين أفيرز” أن مجتمع العدو لم يستطع حل التناقض ما بين ما تنص عليه “وثيقة إعلان قيام “إسرائيل”” (يوم النكبة) من جهة، وقيام “إسرائيل” كـ”دولة يهودية لحماية الشعب اليهودي من جهة أخرى”، وأشارا إلى أن الحرب في غزة والأزمة القضائية التي سبقتها تدفع بالكيان نحو نقطة الانكسار.
وحذّر الكاتبان من أن “إسرائيل” تسير أكثر فأكثر على مسار غير ليبرالي عنيف ومدمر، وعلى درب الاستبداد، ونبّها من أنها قد تخسر العديد من أصدقائها وتصبح منبوذة، ومن أن الاضطراب قد يجتاحها.
وذكّر الكاتبان بما قاله العالم والفيلسوف الصهيوني يشعياهو ليبوفيتز بعد حرب عام 1967، إذ حذر عام 1968 من تحول القومية “الإسرائيلية” إلى قومية متطرفة، والتي ستشكل نهاية المشروع الصهيوني، وتؤدي بدورها إلى “نهاية الصهيونية”، ورأى أن هذه النهاية هي أقرب مما يعترف العديد من “الإسرائيليين”.
وبحسب الكاتبيْن، “إسرائيل” تسير على درب مُتعصّب، وقد تصبح خاضعة لحكم قومي عرقي ديني تحت إدارة مجلس تشريعي وقضائي يهودي ومتطرفين دينيين من أقصى اليمين. التحولات الديمغرافية والسياسية والاجتماعية مثل صعود المعسكر المتشدد وجنوح جيل الشباب نحو اليمين وتراجع عدد اليهود الذين يعرّفون أنفسهم بالعلمانيين، كلّ ذلك أنتج طبقة سياسية “متدينة” ترى أن استمرار وجود “إسرائيل” هو جزء من صراع بين اليهودية والإسلام.
ولفت الكاتبان الى أن السياسيين المتشددين الذين يطالبون علنًا بأن يلعب الدين دورًا أكبر في “إسرائيل” هم لاعبون أساسيون في الائتلاف “الإسرائيلي” الحاكم، وخاصة كل من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وغيرهما، وأضافا أن هؤلاء يمثلون طيفًا يزداد نفوذًا داخل الحركة الصهيونية التي تسمى “الحردال”، والتي تؤمن بأن الله قد وعد اليهود بالأراضي التوراتية الكاملة التي تسمى “إسرائيل”، وهذا المعسكر يرفض الثقافة والقيم الغربية، ويرفض بالمطلق أعراف “الليبرالية الإسرائيلية”.
ونبّه الكاتبان من أن العديد من “الإسرائيليين” الذين هم ليسوا متدينيين كثيرًا أيضًا بدؤوا يتبنّون هذه العقيدة القومية العرقية المتطرفة، ومن أن هذا الموقف قد يتحول إلى إجماع واسع بين “الإسرائيليين” اليهود ويجعل “إسرائيل” غير ليبرالية بالكامل، كما حذرا من أن “إسرائيل” “لا ليبرالية” ستصبح “دولة منبوذة”، خاصة أنها تزداد عزلة أصلاً على المسرح الدولي، ولفتا إلى أن العديد من المنظمات الدولية تسعى إلى فرض إجراءات قانونية ودبلوماسية عقابية بحقها.
وتوقّع الكاتبان أن تهمَّش “إسرائيل” أكثر فأكثر على المسرح العالمي بسبب تداعيات رأي الشارع السلبي والتوبيخات الدبلوماسية والتحديات القانونية.
وبينما قال الكاتبان إن “إسرائيل” “لا ليبرالية” ستبقى تحصل على الدعم الاقتصادي من بعض الدول مثل الولايات المتحدة، نبّها من أنها ستكون معزولة سياسيًا ودبلوماسيًا عن بقية المجتمع الدولي، بما في ذلك أغلب الدول في مجموعة السبع الكبرى، واعتبرا أن هذه الدول ستوقف تنسيقها مع “إسرائيل” في القضايا الأمنية، وتلغي اتفاقياتها التجارية معها، وتتوقف عن شراء الأسلحة “الإسرائيلية”.
ووفق الكاتبين، ستعتمد “إسرائيل” في نهاية المطاف بشكل كامل على الولايات المتحدة وتصبح معرضة للتحولات في المشهد السياسي الأميركي في الوقت الذي يشكك فيه عدد متزايد من الأميركيين بدعم بلادهم غير المشروط لـ”إسرائيل”.
وأضاف الكاتبان أنه وبينما تصبح “إسرائيل” أكثر استبدادية، فإن هذا التحول نحو “اللا ليبرالية” لن يغطي الفجوات داخل المجتمع “الإسرائيلي”، مشيرًا إلى أن “الدولة” لم تعد تحتكر الاستخدام المشروع للقوة، ومن أن الانقسامات قد تؤجج الوضع لدرجة إشعال حرب اهلية. ونبها من أن المواجهات الأخيرة في معتقل سدي تيمان قد تنذر بما سيحصل في المستقبل. كذلك تحدثا عن إمكانية انهيار سيادة القانون، وعن إمكانية أن تعلن مجموعات مختلفة حق استخدام العنف، مثل ميليشيات المستوطنين المسلحة والمواطنين المصطفين مع اليمين المتطرف والقوات الأمنية.
وتحدث الكاتبان عن قيام المتطرفين الدينيين اليمينيين بإنشاء “دويلتهم”، على الأرجح في مستوطنات الضفة الغربية. وطرحا سيناريو آخر يتمثل بانتفاضة المتطرفين الدينيين والقوميين المتطرفين التي ستقسّم “إسرائيل” بحيث تقع حرب أهلية بين معسكر ديني مسلح وجهاز “الدولة” القائم. ونبّها من أن الاقتصاد قد ينهار بحيث تصبح “إسرائيل” دولة فاشلة حتى في حال عدم اندلاع الحرب الأهلية”.
وشدد الكاتبان على ضرورة أن ينتهي الاحتلال “الإسرائيلي” بحق الفلسطينيين، وأكدا أنه وفي أقل تقدير، يتوجّب على “إسرائيل” معالجة موضوع الموقف الصادر عن محكمة العدل الدولية مؤخرًا حول احتلال الأراضي الفلسطينية.
أخيرًا، تحدث الكاتبان عن ضرورة أن تشرعن “إسرائيل” مكانها في الشرق الأوسط من أجل ضمان الاستقرار الداخلي بشكل أفضل، وأن تبني على المكاسب التي تحققت جراء اتفاقيات التطبيع وأن تقوّي علاقاتها مع السعودية وأنظمة أخرى في المنطقة.