على “إسرائيل” ان تكتفي بردع حزب الله
كتب Daniel Byman والذي يعد من أهم الباحثين الأميركيين في قضايا الشرق الأوسط والقضايا الأمنية، مقالة نشرت في مجلة Foreign Policy قال فيها ما يلي:
ستكون معركة صعبة في حال شنت “إسرائيل” حربًا شاملة على حزب الله، كما أنها ستكون مدمرة لكل من “إسرائيل” ولبنان. وقد تجد “إسرائيل” أن نزاعها مع حزب الله باق بعد توقف مثل هذه الحرب، دون أن تحقق شيئًا يذكر إستراتيجيًا حتّى وإن انتصرت عسكريًا. إنه لمن الافضل لـ”إسرائيل” أن تحاول تكثيف الردع، حتّى وإن كان يعني ذلك استمرار التهديد الذي يشكله حزب الله.
لم يتقلص دعم إيران لحزب الله منذ عام 2006، حيث تستمر طهران بالتعاون الوثيق مع حزب الله وستقوم على الأرجح بتقديم الدعم المالي والعسكري الكبير للجماعة (أي للحزب) في أعقاب أي نزاع جديد مع “إسرائيل”. أصبح من الأسهل حتّى تزويد “الجماعة المسلحة” (الحزب) بالإمدادات مقارنة مع عام 2006، إذ إن إيران وحلفاءها يسيطرون على ممر بري يربط ما بين إيران والعراق وسورية ولبنان، بحيث يمكن نقل السلاح بسهولة عبر البر إلى الحزب.
سيكون من الصعب على “إسرائيل” مواصلة خوض النزاع لفترة طويلة في لبنان في حال اندلعت الحرب، فالجيش “الإسرائيلي” منهمك بعد قرابة عام من الحرب في غزّة، حيث خدم العديد من جنود الاحتياط في جولات عدة هناك. كما أن هناك نقصًا في قطع الغيار والذخيرة والمستلزمات الأخرى المطلوبة من أجل خوض حرب طويلة. وبناء عليه فمن المرجح أن تكون الحرب لمدة محدودة حتّى وإن كانت ستكون حربًا كبرى، وبالتالي سيستطيع حزب الله الصمود.
يستطيع حزب الله إطالة أمد الحرب، فلبنان أكبر بكثير من غزّة ولا تستطيع “إسرائيل” ببساطة طرد قوات الحزب من البلد بأكمله في فترة وجيزة. أفضل ما يمكن أن تقوم به “إسرائيل” واقعيًا هو إعادة احتلال بعض المناطق في جنوب لبنان كما فعلت بين عامي 1982 و2000. لقد تلقت “إسرائيل” خسائر مستمرة جراء الهجمات التي شنت في تلك الفترة، ما دفع بها في النهاية إلى الانسحاب.
أصبح حزب الله اليوم أقوى بكثير، وتستطيع غالبية قواته الانسحاب من المناطق الحدودية عند انسحاب القوات “الإسرائيلية” (في حال اجتاحت “إسرائيل” المناطق الحدودية)، أو تنفيذ هجمات كر وفر في التوقيت الذي تختاره في حال بقيت القوات “الإسرائيلية”، وذلك حتّى وإن تلقى الحزب خسائر كبيرة.
ستواجه “إسرائيل” كذلك موجة انتقادات دولية أميركية جديدة في حال اعتبرت أنها هي الطرف المعتدي في أي نزاع مع لبنان.
المقاربة التي تعتمد على الردع ستكون أفضل، وقد قال حزب الله إنه سيوقف هجماته فيما لو جرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزّة.
اعتماد مثل هذه المقاربة (الردع) هو في النهاية غير مرضٍ، إذ إنه وعلى الرغم من أن تحقيق السلام عبر الوساطة سيبعد قوات حزب الله مسافة أطول عن الحدود، فإن الجماعة (الحزب) ستبقى تشكّل تهديدًا لـ”إسرائيل”. إلا أن الردع الذي لا يلبي الطموحات بالكامل هو أفضل من حرب مدمرة ستسفر في النهاية عن نتائج غير مرضية.
غير أن المقاربة الإستراتيجية لم تكن يومًا نقطة قوة “إسرائيلية”. يمكن للأجهزة العسكرية والأمنية “الإسرائيلية” أن تكون باهرة، واغتيال “هنية” ما هو سوى أحدث مثل، إلا ان صناعة القرار على صعيد “الأمن القومي الإسرائيلي” مسيس لدرجة كبيرة، ولا يزال التفكير القصير الأمد يهيمن على الحسابات. ولا تزال تفتقد “إسرائيل” إلى هدف واقعي واضح بعد مرور أكثر من عشرة أشهر منذ بدء القتال في غزّة.
هذا الميل نحو المقاربة القصيرة الأمد قد يدفع بـ”إسرائيل” نحو توجيه الضربة الأولى ومن ثمّ محاولة تحديد هدف طويل الأمد. يتوجب مواصلة الضغوط من الولايات المتحدة والدول الحليفة على “إسرائيل” من أجل تجنب الحرب الشاملة، وذلك من أجل منح غطاء سياسي للقادة “الإسرائيليين” لتجنب حرب ستكون مكلفة وغير مجدية.