“هآرتس”: حرب “إسرائيل” على غزّة هي الأكثر دموية في هذا القرن
أكّدت صحيفة “هآرتس” “الإسرائيلية” أنّ الحرب “الإسرائيلية” المتواصلة على قطاع غزّة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، تُعدّ ضمن أكثر الحروب دموية منذ بداية القرن الحالي. وأشارت إلى أنّ الجيش “الإسرائيلي” قتل كثيرًا من الفلسطينيين في المناطق التي سبق وأعلن أنها آمنة.
في تحقيق، نشرته أمس الأربعاء (14 آب/أغسطس 2024)، قالت الصحيفة :”إنّ رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو دأب على اتهام المجتمع الدولي بالنفاق في موقفه من الحرب على قطاع غزّة، مدّعيًا بأنه يتجاهل الصراعات الأخرى والكوارث الإنسانية”. وضربت الصحيفة أمثلة على ذلك؛ من ضمنها قول نتنياهو في كانون الثاني/يناير الماضي: “أين كانت جنوب إفريقيا عندما قُتل الملايين أو أُجبروا على النزوح من ديارهم في سورية واليمن”، والذي جاء تعليقًا على الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدّ “إسرائيل” في محكمة العدل الدولية، تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزّة”؛ وفقًا لما أوردته الصحيفة.
وأوضحت “هآرتس” أنّ التمعن في عدد “القتلى” في قطاع غزّة يكشف أنّ هذه الحرب من أكثر الحروب دموية منذ بداية هذا القرن، خاصة إذا نظرت إلى معدل الوفيات ونسبة “القتلى” من عامة الناس، مشيرة إلى أنّ: “نحو 40 ألف شخص قتلوا في قطاع غزّة منذ خلال 10 أشهر من الحرب، وهو ما يمثل نسبة 2% من مجموع السكان البالغ نحو مليوني نسمة”. وأوضحت أنّ هذا الرقم غير معتاد في عصر الحروب التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945).
استهداف المناطق الآمنة
بشأن استهداف الجيش “الإسرائيلي” للنازحين، قالت الصحيفة : “بالرغم من أن معظم سكان قطاع غزّة أصبحوا نازحين، لا يجدي نفعًا فرارهم إلى المناطق التي وصفها الجيش “الإسرائيلي” بأنها آمنة؛ حيث قتل الكثيرون في هذه المناطق أيضًا”.
إذ سبق أن استهدف الجيش “الإسرائيلي” أكثر من مرّة النازحين الفلسطينيين الذين فروا من العدوان العسكري إلى مناطق زعمت “تل أبيب” أنها آمنة، لكنّهم لم يسلموا من القصف “الإسرائيلي” الذي أوقع مئات الشهداء والجرحى، غالبيتهم من الأطفال والنساء. ففي أحدث إحصائية نشرتها وزارة الصحة في غزّة، يوم أمس الأربعاء، فقد استشهد 39 ألفًا و965 فلسطينيًا، وأصيب 92 ألفًا و294 جرّاء حرب “إسرائيل” على القطاع، كما تجاوز عدد المفقودين 10 آلاف تحت الأنقاض.
كما أشارت الصحيفة إلى أنّ الحرب في غزّة تسبّبت بمقتل أكبر عدد من البشر ممّا وقع في بعض الأحداث التي أثارت المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة. ودلّلت على ذلك بأنه خلال الإبادة الجماعية للروهينغا في ميانمار، على سبيل المثال، قُتل نحو 25 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة. في مقاربة أخرى، قالت هآرتس: “على سبيل المثال في يوغوسلافيا. ومن أبرز الساحات هناك كانت البوسنة، وفي أسوأ أعوامها (1991) بلغ متوسط عدد القتلى شهريًا 2097، وبلغ إجمالي عدد القتلى في أربع سنوات هناك 63 ألفًا”.
4000 قتيل شهريًا
خلصت هآرتس إلى أنّ متوسط معدل “القتلى” (الشهداء)، في القطاع يقدّر بنحو 4000 شهريًا، ما يجعل الحرب على غزّة ضمن الحروب المتصدّرة من حيث عدد الضحايا منذ بداية هذا القرن. وقارنت الصحيفة الحرب “الإسرائيلية” على غزّة بالحرب في أوكرانيا.
أمّا في ما يتعلق بالفوارق بين غزّة وبقية المناطق؛ قالت الصحيفة “الإسرائيلية” إنّ: “الفارق الأكثر وضوحًا بين حروب القرن الحادي والعشرين الأخرى وما يحدث في غزّة، هو حجم منطقة القتال البالغ 360 كيلو مترًا مربعًا، وعدم قدرة السكان الذين لا يشاركون في القتال على الهروب من القتال، وقبل كلّ شيء معدل الضحايا من مجموع السكان”. ونقلت الصحيفة عن البروفيسور مايكل سباغات، في جامعة لندن البريطانية، قوله: “في ما يتعلق بنسبة السكان الذين قتلوا، أفترض أن الحرب في غزّة دخلت بالفعل المراكز الـ5 الأولى في الصراعات الـ10 الأكثر عنفًا في القرن الحادي والعشرين”.
أرقام
أدت الحرب “الإسرائيلية” على القطاع إلى دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. فقد كشفت وزارة الصحة في القطاع، أمس الأربعاء، أنّ الجيش “الإسرائيلي” قتل 115 طفلًا من حديثي الولادة منذ بداية الحرب، وذلك بعد ارتقاء الرضيعين إيسل وأيسر اللذين ولدا في 10 آب/أغسطس الجاري.
كما ارتفع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية جرّاء حرب “إسرائيل” على قطاع غزّةـ يوم الأربعاء، إلى 37 فلسطينيًّا بينهم أطفال، وذلك بعد وفاة الطفلة لينا الشيخ خليل البالغة من العمر 4 سنوات، في مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع، جرّاء الحرب والحصار. وسبق أن أعلن جهاز الدفاع المدني في غزّة، يوم الأربعاء، استشهاد عنصرين من طواقمه برصاص الجيش “الإسرائيلي” في مدينة رفح جنوبي القطاع، ما يرفع الحصيلة إلى 82 مسعفًا منذ بداية الحرب.
استهانةً منها بالمجتمع الدولي، تواصل “إسرائيل” الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتّخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزّة.