مجتمع العدو يعاني.. والحكومة غير قادرة على مواجهة التحديات
يعاني المجتمع “الإسرائيلي” من اليأس وفي نفس الوقت لا يعرف كيف يجد مخرجًا، والشارع “الإسرائيلي” هو في حالة تناقض مستمرة، هذا ما أكَّده موقع “ذا إنترسبت”.
وفي تقرير نشر على الموقع، أكَّد أنَّ استطلاعات للرأي أجريت مؤخرًا أظهرت أن نسبة 72% من “الإسرائيليين” يريدون استقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث لا يحملونه مسؤولية الفشل في تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر فحسب، بل أيضًا مسؤولية تأجيل وتقويض وحتّى رفض صفقة تبادل الأسرى التي تؤيدها غالبية 56%، حتّى وإن كان يعني ذلك وقف الحرب في غزّة. كما رأى 62% أنَّ استعادة الأسرى أهم من هزيمة حركة حماس.
وأضاف التقرير أن أقلية صغيرة تعارض الحرب في غزّة لدواع “أخلاقية” إلى جانب أسباب أخرى، تبقى هناك غالبية من الصهاينة الذين ينظرون بلا مبالاة إلى معاناة الفلسطينيين.
ولفت التقرير إلى أنَّ الاستطلاعات أفادت بأن “الإسرائيليين” يرون أن نتنياهو هو الخيار الأنسب لتولي منصب رئاسة الحكومة مقارنة مع خصومه السياسيين، وذلك بعد خطابه أمام الكونغرس الشهر الفائت.
وتصدر حزب “الليكود” الاستطلاعات لأول مرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وذلك بعد عمليتي الاغتيال في الأسبوع الذي تلا الخطاب.
وتابع موقع “ذا إنترسبت”: “يبدو واضحًا الآن لدى غالبية “الإسرائيليين” ورغم هذه المشاعر المتناقضة، أن نتنياهو ليس ولم يكن يومًا ملتزماً بإبرام صفقة تبادل. كما رفض وزراء اليمين المتطرّف في ائتلاف نتنياهو باستمرار صفقة وقف إطلاق النار والتبادل، حيث يحاولون تطبيق رؤية “تفوق اليهود” الدينية على كامل الأراضي من النهر إلى البحر، حتّى وإن كان ذلك على حساب اشتعال حرب إقليمية أو من أجل اندلاع مثل هذه الحرب”.
كما، وجَّه “الإسرائيليون” وخاصة عائلات الأسرى رسالة واضحة مفادها، أنه لا انتصار من دون بذل أقصى الجهود من أجل إعادة الأسرى الصهاينة على قيد الحياة.
أما المؤسسة الأمنية فترى أن إطلاق سراح الأسرى عبر وقف إطلاق النار يصب في المصلحة “القومية الإستراتيجية”.
وتابع التقرير أن هناك عدة أسباب لذلك، فـ”إسرائيل” تحدت الموقف الدولي على مدار عقود وأصبحت الآن تتحدى القانون في الأراضي المحتلة وفق رأي محكمة العدل الدولية، ما يخلق ثقافة الفوضى والحصانة.
ولفت إلى أنَّ حملة اليمين “الإسرائيلي” التي استمرت عشرين عامًا بقيادة نتنياهو من أجل السيطرة على الإعلام وتقويض مؤسسات الكيان مثل المحكمة العليا وشيطنة الفلسطينيين و”الإسرائيليين” الذين لا يتبنون نفس الموقف، تسبَّبت بالفراغ في السياسة وداخل “المجتمع المدني”.
ورأى التقرير أنَّ السبب الأهم وراء عدم قدرة المجتمع “الإسرائيلي” على فرض التغيير السياسي ربما يعود إلى كونه “يقدس” الجيش ويعول بشكل كبير على استخدام الجيش للقوة من أجل الحفاظ على شكل من أشكال السيطرة والاستقرار.
وبين التقرير أنَّ هذا “المجتمع” وبعد عقود من النزاع المستمر مع الفلسطينيين، أصبح على قناعة بأن أية مساومة أو عمل دبلوماسي قد يجعل “إسرائيل” تبدو ضعيفة ولن يؤدي سوى إلى الهزيمة، وهي قناعة تعززت بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لافتًا إلى أنَّ أي زعيم من المعارضة في كيان العدو لا يتحدث عن “حل الدولتين”، كما لم يصوت أي حزب “إسرائيلي” ضدّ قرار “الكنيست” برفض الدولة الفلسطينية، الأمر الذي بين أنَّ حتّى الذين هم خصوم كبار لنتنياهو يرفضون حق الفلسطينيين بتقرير المصير.
وأشار التقرير إلى أنَّ صعود “إسرائيل” إلى مرتبة القوّة العظمى الإقليمية جاء نتيجة الحرب السريعة والحاسمة عام 1967 عندما هزمت جيوشاً عربية وباشرت باحتلال أراضٍ كانت موطنًا لملايين الفلسطينيين.
وأوضح أنه ومنذ الحرب التالية عام 1973، خاضت “إسرائيل” بشكل أساس المعارك مع مجموعات من غير الدول ولم تجرِ بعد التعديلات المطلوبة في مقاربتها العسكرية والإستراتيجية.
وأردف التقرير أنَّ هناك أمرًا واضحًا وهو أن كيان العدو لا يتمتع بما يلزم من أجل التفوق على التهديدات التي تواجهه عبر القوّة الصلبة وحدها، وذلك رغم الدعم العسكري الأميركي غير المشروط، كما لا يستطيع أن يؤمن نفسه من دون اعتماد قنوات دبلوماسية غير عسكرية والمفاوضات والمساومات، على غرار ما حصل عند التوقيع على الاتفاقيات مع مصر والأردن.
وأكَّد الموقع أنَّه لم تصبح “إسرائيل” على مسافة أقرب من تحقيق النصر ضدّ أي من حماس أو حزب الله، حتّى في الوقت الذي دمرت فيه غزّة، بل إنها أصبحت تواجه تهديد الحرب الإقليمية.
ورأى الموقع أن “إسرائيل” تمر في مرحلة قد تكون الأكثر لا استقرارًا على صعيد “أمنها القومي” منذ تأسيس الكيان، حيث تراجعت ثقة الشارع بالقادة السياسيين والعسكريين إلى مستويات متدنية غير مسبوقة، سائلًا ما إذا كان “الإسرائيليون” سيبدؤون بالتحدي العلني للفرضيات التي استند عليها أمنهم على مدار عقود.