في المطلة يخشون من أن الجيل الشاب لن يعود
“إسرائيل هَيوم”
“لقد مررنا بالكثير من الأحداث المؤلمة هذا العام، لذلك أصبح الاشتياق إلى الوطن خارج نطاق القياس. بالنسبة لي، إذا لم أكن في نفق في غزّة فكلّ شيء على ما يرام. نتكيف أيضًا مع الاشتياق”، هذا ما تصرّح به دورون كوهين، التي عادت للتو إلى منزلها في المطلة.
دورون، البالغة من العمر 22 عامًا، هي مصممة جرافيك (في الاحتياط وفي الحياة المدنية) وكان من المفترض أن تدرس في سنتها الثانية في قسم علم النفس، لكنّها في الواقع بالكاد تزور مقاعد الدراسة. بدلًا من ذلك، تعمل في العديد من المنظمات الاجتماعية، معظمها يركز على تعزيز المجتمع في الشمال وإعادة الشباب الذين تم إخلاؤهم.
في السابع من أكتوبر، عندما بدأت الأخبار بالتدفق، كانت كوهين قد حزمت أمتعتها وغادرت من تلقاء نفسها. “ظن الجميع أنني مجنونة، لكنني تمكّنت من إقناع عائلتي أيضًا بالمغادرة. بدأ إخلاء سكان الشمال فعليًا في 16 أكتوبر، لكننا كنا قد غادرنا المستوطنة. في البداية انتقلنا للعيش لدى أقاربنا، وبعد بدء الإخلاء استأجرنا غرفة في فندق في طبريا”.
تروي دورون أن ما حدث في منطقة غلاف غزّة كان السيناريو الذي كانوا يستعدون له في الشمال. “لا يوجد طفل هنا لا يعرف اسم قوة الرضوان. لم نكن نعيش في خوف، لكن كان من الممكن أن يحدث هذا بالتأكيد. كنا مستعدين لذلك. من الأفضل أن تكون آمنًا ومستعدًا، حتّى وإن لم يحدث شيء في النهاية. كنا نعلم أنه خطر، نحن نعيش هنا على الحدود، وليس مهمًا إذا بدأ الهجوم فوق الأرض أو تحتها”.
أحصت دورون الأيام حتّى تم السماح لسكان المستوطنة بالعودة إلى منازلهم. عندما عادت، اكتشفت أن انفجارات الأنفاق في لبنان قد زعزعت أساس المنزل وصدّعت الأرضية والسقف. كان المنزل مليئًا بحطام الجدران، والجص، وروث الحيوانات.
عندما تتذكر “فترة المنفى”، تقول دورون: “في البداية، مباشرة بعد السابع من أكتوبر، كان هناك شعور “الصمود”، على الأقل بالنسبة لنا. المطلة يحدها لبنان من 75% من محيطها، تمامًا مثل شبه الجزيرة. لكن بعد ذلك بدأنا نشعر بالتعب، وشيئًا فشيئًا بدأنا نشتاق إلى المنزل”.
يتضح أن ليس الجميع شعروا مثلها. “يمكنني القول بيقين، وأنا متطوعة في العديد من المنظمات الاجتماعية وألتقي بالكثير من الشباب، أن 93% منهم يقولون إنهم لن يعودوا إلى المستوطنات على الحدود. ربما انتهت الحرب مع لبنان، لكن الحرب على الجيل الشاب هي حرب أخرى وهي الآن بدأت فقط. خوفي هو أن الشباب لن يعودوا، وعندها سيشيخ سكان المستوطنات لدينا ويموتون ويتركون المكان، وينتهي الأمر. ستقترب الحدود من “تل أبيب””.
وتقول دورون مشيرة إلى المنزل الذي يقع إلى يمين منزلها إن “مَن سكن هنا غادر. أخذ أشياءه وأجرى تغييرًا مكانيًا. هذا أحد الشوارع الأكثر أمانًا في المطلة، لأن الجبل يفصل بيننا وبين لبنان، لذلك هناك بعض الناس الذين عادوا إلى هذا الشارع. لكن هناك أحياء لا يمكن العودة إليها، لأنها تبدو مثل مستوطنة “بيئيري” (على حدود قطاع غزّة). هناك أحياء ليس فيها مياه جارية”.
“عندما أتجول في المطلة، تبدو كمدينة أشباح. ليس لدينا أي مبنى عام يعمل، لا مدارس، لا متاجر، لا شيء. وهذا مفهوم، لأننا فقط في هدنة، ولكن عندما تنظر إلى المباني تدرك أنه سيمر وقت قبل أن نعود إلى ما كنا عليه سابقًا. كان هذا مكانًا دافئًا، حيث كان الجميع يعرفون بعضهم البعض. اليوم الشعور هو مثل عائلة تتفكك. إنه أمر غير معقول، كأن المنزل بلا منزل”.
بالنسبة لدورون، “كان يمكن العيش هنا في لحظة بمجرد أن تنتهي الحرب، نحن معتادون على العيش من دون ظروف. أعلم أنني أقول أشياء تشاؤمية بلهجة تفاؤلية، لكن لا شيء سيحدث من تلقاء نفسه، وأنا لا أثق بالحكومة. من حيث البنية التحتية، عدنا إلى الوراء 20 عامًا”.