خشية العدو في الشمال: نخسر “السكان”
قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “مرة أخرى، كما في مشهد ساخر ومُبهم، بعد أكثر من عام و3 أشهر، يصل مئات الآلاف من نازحي الشمال إلى نهاية صلاحية قرار الحكومة “الإسرائيلية” بإجلائهم من منازلهم، ولا يعرفون إذا ما كان سيُطلب منهم العودة إلى بيوتهم بعد أسبوع بالضبط، في 31 كانون الأول/ديسمبر”.
مارينا دفير، إحدى المستوطنات النازحات من “كريات شمونة” (تسكنها منذ 30 عامًا) وتعيش من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في غرفة صغيرة ومؤقتة في فندق في “نتانيا” قالت، إن “هذا الشعور بعدم اليقين رهيب.. نحن مُهملون”، وأضافت أنها كل عدة أشهر، بينما تتباطأ الحكومة في اتخاذ قرارات بشأن جدول أعمال وروتين حياتها وحياة عشرات الآلاف من “السكان” الذين تركوا منازلهم، تشعر أن ذلك يؤثر فيها بشكل سيّء، وتابعت: “حتى الآن، بعد أن عاد الهدوء إلى “كريات شمونة”، ما يزالون يتركوننا دون أيّة فكرة عمّا تريده الحكومة منا، ونحن نعيش على وقع شائعات تتغيّر طوال الوقت”، وأردفت: “الحكومة لم تدفع منح حوافز العمل التي وعدت بها حتى نهاية عام 2024، كما أنها أوقفت عنا مساعدات العمل من دون شرح السبب، ومنذ أيلول/سبتمبر لم نتلقَ شيئًا.. تركونا مُعلّقين بدون أيّ معلومات أو يقين”.
وصرّحت دفير: “لا أريد العودة إلى المنزل، لأنه لا يوجد أمن في الشمال، وهذا مخيف جدًا. أشعر أنهم لم يفعلوا شيئًا. حزب الله تلقى ضربة، لكنه سيعود إلى البيوت والقرى التي كانت مواقعه العسكرية، وكل شيء سيعود خلال بضع سنوات إلى ما كان عليه. إن قتلوا (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله وكل القادة فإن هذا لا يغيّر من حقيقة أن “إسرائيل” ستسمح لمقاتليه بالعودة إلى منازلهم وإعادة بنائها، دون أي منطقة عازلة. أخشى أنه لن يتغيّر شيء”.
تمديد الإجلاء حتى نهاية شباط 2025
وزارة الحرب أرسلت أول من أمس إلى الوزير في وزارة المالية زئيف إلكين طلبًا أمنيًا من قبل جيش الاحتلال، جاء فيه: “يُطلب تمديد إجلاء المستوطنات لعدة أشهر على الأقل (حتى نهاية شباط/فبراير 2025)، وكذلك إجراء فحص آخر في منتصف شباط”.
بحسب “يديعوت أحرونوت”، يُتيح هذا الطلب لحكومة العدو تمديد الإجلاء حتى الأول من آذار/مارس، لكنها لم تتخذ بعد قرارًا رسميًا بهذا الشأن، رغم وجود مصدر تمويلي لتمديد الإجلاء، وتوصية من وزارة الحرب.
إلكين عقد اجتماعًا مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والمدير العام لوزارة المالية وكبار المسؤولين فيها، في محاولة لوضع خطة واضحة بشأن مخطط العودة إلى الشمال، وذلك بغرض خلق يقين للمجالس المحلية والسكان على مختلف الأصعدة، ولكن لم يتم اتخاذ قرارات رسمية بعد.
وتُشير الصحيفة إلى أن العديد من الأسئلة التي لا إجابة رسمية حولها من أي جهة مسؤولة في كيان العدو، تركت سكان” الشمال عاجزين، ومن بينهم أيضًا الذين تضررت منازلهم أو تهدمت من جراء نيران حزب الله على مدار أكثر من عام من الحرب. بخلاف التسريبات الغامضة في وسائل الإعلام حول تواريخ مختلفة بشأن توقيف الحكومة للمساعدات وطلب عودة السكان إلى بيوتهم، لا توجد معلومات رسمية يعتمد عليها المستوطنون لتبرير خطواتهم. إضافة إلى ذلك، هم لا يعرفون مقدار التعويضات التي ستُقدم لهم عند العودة إلى منازلهم، أو كم ستعوض سلطات الاحتلال عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بمنازلهم، والتي لم يزرها أحد لأشهر طويلة، ما أدى إلى أضرار مثل الرطوبة، الفئران، وأضرار التصدعات.
ووفق “يديعوت أحرونوت”، لا يعرف الكثير من المستوطنين الذين يدرس أولادهم في مدارس إذا كانوا سيضطرون إلى إخراج أولادهم من المدرسة في منتصف السنة الدراسية، والعودة إلى المستوطنات التي تم إجلاؤهم منها، ثم إرسال أولادهم إلى مدارس جديدة مع أصدقاء لم يتعلموا معهم منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الدراسي الماضي. في مؤتمر لبلديات الشمال الذي عقدته وزارة الداخلية الصهيونية في نهاية الأسبوع، قال إلكين إنه يعمل على إعداد خطة وحلول اقتصادية لـ”السكان”، لكنه لم يحصل بعد على التفاهمات المطلوبة مع وزارة المالية.
خشية العدو في الشمال: نخسر “السكان”
لن يعودوا..
أفيخاي شترن، رئيس بلدية “كريات شمونة”، هو الذي يتعين عليه تقديم إجابات لـ24 ألف من “السكان”، كما يتوقع مستوطنون من رؤساء بلدياتهم في 41 مستوطنة أخرى تم إخلاؤها بناءً على أمر الحكومة، قال: “دور “الدولة” في مثل هذه الأحداث الطارئة هو أولًا وقبل كل شيء توفير اليقين لـ”السكان”، وهذا يوفّر لهم المناعة والقدرة على التأقلم مع الواقع. لكن مرارًا وتكرارًا، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، “الدولة” تفعل العكس تمامًا – لأنها لا توفّر لنا اليقين، “السكان” يصنعون يقينهم بأنفسهم ونحن نخسرهم. لن يعودوا. في أسوأ الأحوال، عدم اليقين يولّد حالات متطرفة مثل مشاكل نفسية، عائلية، اقتصادية وغيرها. نواجهها يوميًا”.
التعليم مُعلّق في الشمال
وزير التعليم الصهيوني يوآف كيش أعلن الأسبوع الماضي في أثناء زيارته لمدرسة في إحدى المستوطنات التي تم إخلاؤها في الشمال أن وزارته تستعد لعودة الطلاب وفتح المدارس في اليوم الذي تقرر فيه “الدولة” نهاية فترة الإجلاء.
وتعليقًا على هذا التصريح، وقف شترن في دهشة قائلًا: “لا أحد يتحدث معنا أو يحاول أن يفهم ما احتياجاتنا وما يحدث في الواقع، وكل شيء يتم فرضه من الأعلى”.
وأضاف شترن: “وزير التعليم قام بجولة في مدرسة واحدة، وعلى أساس ما رآه قرر أن الجميع بدؤوا يعودون. لكن لدي 42 مؤسسة تعليمية تضررت من نيران حزب الله أو من أنشطة الجنود الذين عاشوا معهم، ممّا جعلها خالية من جميع المعدات التي كانت موجودة فيها مثل الحواسيب والطابعات ثلاثية الأبعاد، والمواد الفنية، وغيرها”.
وبحسب شترن، “هم منفصلون تمامًا عن الواقع، باستثناء وزارات النقب والجليل والداخلية. وزير “تطوير النقب والجليل” انتقل للعيش في “كريات شمونة” ووقّع عقد إيجار في نهاية الأسبوع. مديره العام يوحانان مالي موجود معنا يوميًا، لكن هذا حدث يتطلّب دعم حكومة كاملة وليس فقط وزارته. بدلًا من ذلك، الآن جميع المستشارين في وزارات الحكومة المختلفة يُخبروننا فقط بما لا يمكن فعله”.