تحليل صهيوني: فرصة التطبيع مع السعودية ما تزال قائمة
أثار المحلّل السياسي الصهيوني في صحيفة “هآرتس” رفيف دروكر مسألة تطبيع العلاقات بين السعودية وكيان العدو، وما إذا كانت ما تزال قيد البحث.
يقول دروكر في مقال: “بعد عدة أشهر من اندلاع الحرب، التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان وصاحب القرار في المملكة. “أريد أن أفعل ذلك”، فاجأ ابن سلمان بلينكن، “أريد توقيع اتفاق تطبيع مع “إسرائيل”، وأريد ذلك الآن، قبل أن نقترب كثيرًا من الانتخابات لديكم ويصبح الأمر غير ممكن”. سأله بلينكن: “ماذا تحتاج لكي يحدث ذلك؟”، فأجاب: “الهدوء في غزة ومخطط لدولة فلسطينية”.
ويُضيف: “سأل بلينكن متعجّبًا: “لماذا تريد دولة فلسطينية؟”. فردّ ابن سلمان بصراحة، وفقًا للوصف المفصّل للصحفي بوب وودوارد في كتابه الأخير: “بالنسبة لي، لا يهمّني، ولكن 70% من الشعب في مملكتي أصغر مني سنًا. حتى السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لم يكن هذا الموضوع يهمهم، لكن منذ ذلك الحين أصبح تركيزهم منصبًا عليه. بالإضافة إلى ذلك، قادة الدول العربية الأخرى يراقبونني، ولن أخون شعبي”.
ويتابع: “حصل بلينكن منه على إذن لطرح الموضوع أمام (رئيس الحكومة “الإسرائيلية”) بنيامين نتنياهو الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا. حتى ذلك الحين، كان يبدو أن السابع من تشرين الأول/أكتوبر قد قضى على فرصة اتفاق تطبيع سعودي “إسرائيلي”. فسأل نتنياهو: “ماذا يقصد بالهدوء في غزة؟”. فأجاب بلينكن: “ألّا يكون هناك جنود “إسرائيليون” على أرض غزة”. فردّ نتنياهو: “سنعمل على ذلك”. ثم أكمل: “ماذا يقصد بمخطط دولة فلسطينية؟”، أجاب بلينكن: “يجب أن يكون الأمر واضحًا، لا رجعة فيه، حقيقيًا، وموثوقًا”. ردّ نتنياهو: “حسنًا، يمكننا العمل على ذلك، سنجد صياغة ذكية”.
ووفق دروكر، أصرّ بلينكن وقال لنتنياهو: “لا، ليس مجرد صياغة، الجميع يعرفونك الآن، يجب أن يكون الأمر حقيقيًا وموثوقًا”، غير أن نتنياهو تراجع فتلاشت تلك الفرصة. فضّل نتنياهو استمرار الحرب على تحالف دراماتيكي مع السعودية، والذي كان سيشكل وزنًا موازنًا للمحور الإيراني، إضافة إلى إعادة الأسرى ومحاولة إقامة حكم بديل لحماس في القطاع.
ويُشير دروكر الى أن “الفرصة لم تضع، إذ إن ابن سلمان لا يزال مهتمًا، والرئيس الأمريكي يرى في ذلك فرصة لنيل جائزة نوبل، وبالنسبة لنتنياهو، فإنها فرصة لتقليل وصمة عار السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. المؤسسة الأمنية لا تخشى التحالف “الدفاعي” السعودي-الأمريكي أما تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، فهو مصدر قلق، لكنه ليس عقبة لا يمكن تجاوزها”.
ويلفت إلى أن هناك تحدّياً غير بسيط في الجانب الأمريكي وهو تمرير الاتفاق في الكونغرس، على الرغم من أن الجمهوريين يسيطرون عليه، إلا أن معاهدة دفاعية تتطلب غالبًا أغلبية خاصة (حسب النموذج الذي سيتم اعتماده). الديمقراطيون لا يطيقون النظام السعودي، وبالتأكيد ليس لديهم مصلحة في منح الرئيس الجمهوري إنجازًا كبيرًا. لذلك، لم يكن عبثًا أن تحدث ابن سلمان مع بلينكن عن هذه الخطوة قبل الانتخابات”.
ويردف: “السؤال الدراماتيكي في الحقيقة هو في “إسرائيل”. إذا كان نتنياهو ما يزال يفكّر بعقلانية، فمن المفترض أن يكون لديه مخطط واضح: صفقة شاملة للأسرى، الانسحاب من قطاع غزة، وقف إطلاق نار دائم، إدخال قوة عربية إلى القطاع بدعم من السلطة الفلسطينية، واتفاق تطبيع تاريخي مع السعودية. بهذه الطريقة، سيستعيد الأسرى الأحياء، ويحسّن بشكل كبير الوضع الإستراتيجي لـ”إسرائيل””.
ويخلص إلى أنه “في ظل استطلاعات الرأي الحالية، لا يوجد يقين بأن إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يجرؤان على الدفع نحو انتخابات على أساس معارضتهما لهذا المخطط. ولكن حتى لو فعلًا، فإن الانتخابات ستكون بعد ستة أشهر على الأقل، وربما أكثر. بعبارة أخرى، يمكن لنتنياهو تحقيق كل هذه المكاسب الهائلة بثمن غير فادح: تقصير ولايته بسنة وعدة أشهر. فهل ما يزال يفكر بعقلانية؟”.