سياسيون ونشطاء يطالبون بإغلاق «أسواق العبيد» في ليبيا
أثار تقرير استقصائي بثته شبكة «سي إن إن» الأمريكية ويوثق مزادا لبيع المهاجرين الأفارقة عبيدا، موجة من الاستنكار داخل البلاد وخارجها، حيث طالب عدد من السياسيين والحقوقيين بإغلاق أسواقع العبيد المنتشرة في مناطق عدة من البلاد، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإيجاد حل عاجل لمخيمات اللاجئين وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
وكانت شبكة «سي إن إن» بثت تقريرا مصورا كشف عن عمليات بيع في أحد أسواق العبيد لعدد من المهاجرين الأفارقة القادمين من بلدانهم بهدف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وبلغ «ثمن» الأشخاص داخل المزاد عدة مئات من الدولارات. وتجولت مراسلة القناة في عدة أماكن من البلاد لتكشف عن سجون لذوي البشرة السوداء بهدف «بيعهم» لاحقا في أسواق النخاسة.
وأثارت المعلومات الواردة في التقرير موجة استنكار كبيرة، حيث كتب الدبلوماسي السابق إبراهيم قرادة على صفحته في موقع «فيسبوك»: «هذه أسواق العبيد في ليبيا الحرة، يا أحرار ليبيا! انظروا وتمعنوا في الخريطة التي أوردتها «سي إن إن» في تقريرها الموجع والمخجل حول تجارة العبيد في ليبيا وأسواق بيع «الإنسان» بالمزاد. هل هناك من يؤكد أو ينفي؟ العالم عينه على الموضوع، إذا كان بعضنا أعماه المال والدم، فأصبح وحشا إنسانيًا متوحشا!».
وتشير الخريطة التي أشار لها قرادة إلى وجود تسعة أسواق للعبيد في مدن مختلفة من ليبيا، من صبراتة وزوارة غرب طرابلس والزنتان جنوب طرابلس وغدامس المتاخمة للحدود مع تونس والجزائر.
وكتبت الإعلامية رزان نجم المغربي «ليبيا الحرة سوق كبير لمزاد وأسواق نخاسة. وإحصائية نتائجها: الليبي لا يقبل الآخر (…) ليبيا اليوم، لا يمكن أن نجمل صورتها وننشر صورا مزيفة للواقع، يكفي فضائح سفاراتنا في الخارج، التي اعتمدت على من حصل على منصب سفير وكأنه غنيمة من غنائم الحرب يتمسك بالمنصب ومستعد أن يفتح جبهة حرب في دول العالم من دون خجل. هذا مستوى تمثيل بعض سفاراتنا إلا من رحم ربي».
وعلّق الباحث جمال الحاجي بقوله «لا اقتصاد ولا صحة ولا تعليم ولا أمن ولا سياسة ولا ذرة مصداقية. وفوق كل هذا فضائح أمام العالم!».
وكانت المنظمة الدولية للهجرة أكدت في وقت سابق اكتشاف طاقمها في النيجر وليبيا لأسواق عبيد صادمة على طرق المهاجرين في شمال أفريقيا «يباع» فيها مئات الأفارقة المتجهين إلى ليبيا على الملأ، مشيرة إلى أنه يتم احتجاز المهاجرين غير الشرعيين وتعذيبهم كنوع من الابتزاز لإرغامهم على دفع المزيد من الأموال.
وكتب الحقوقي والرئيس التونسي السابق د. منصف المرزوقي «بعد الكوارث والفضائح، بثّت هذا اليوم محطة «سي إن إن» الأمريكية شريطا وثائقيا مشينا عن تجارة الرقيق في ليبيا تظهر عملية بيع 12 مواطنا من النيجر بالمزاد العلني بين 400 و600 دينار، كما أظهرت مركز اعتقال في طرابلس لمئات المهاجرين يشتكون من الضرب والجوع والعطش وهم مثل الحيوانات وراء القضبان».
وأضاف «إخواني المسؤولين في ليبيا: أوقفوا فورا النخاسين وقدموهم للمحاكمة لأقصى العقوبات الردعية هم ومن يشترون البشر كما تشترى الماعز والإبل. وعاملوا إخوتنا الأفارقة كما تودون أن يعامل العرب والمسلمون في أوروبا وإلا لن يعود لأي عربي ومسلم الحق في الشكوى من أي تمييز».
وعلق أحد النشطاء على ما كتبه المرزوقي بقوله «لِمَ الاستغراب؟ الأجدر والأولى أن ننظر إلى ما خفي داخل خبايا تونس. ألم يتم تداول فيديوهات لتجارة الخدم في تونس لفتيات وأطفال تحت سن 15 من الشمال الغربي للعائلات الثرية؟ ألا يعتبر ذلك اتجارا بالبشر وانتهاكا لحرمات الطفولة واستعبادا ومذلّة. من جهة أخرى، ألم تصبح تونس مسجلة في مكاتب دول الخليج بلدا مصدّرا لخادمات المنازل لدى الخليجيين وصنّفوها في خانة الدول المصدرة للفتيات الخادمات مثلها مثل الدول التعيسة كسريلانكا ومدغشقر والصومال وإثيوبيا؟». فيما طالب عدد من النشطاء حكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج بمكافحة أسواق العبيد ومحاسبة المسؤولين عنها، وإيجاد حل عاجل لمشكلة المهاجرين الأفارقة الموجودين في مخيمات عشوائية في عدد من المدن داخل ليبيا.
وكانت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أكدت أن حكومة «الوفاق» وقعت مؤخرا اتفاقا مع أحمد الدباشي قائد كتيبة «أنس الدباشي» المتهم بجرائم الاتجار بالبشر يقضي بوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا، وهو ما دفع عددا من النشطاء لاتهام الحكومة بـ «التواطؤ» في جرائم الإتجار بالبشر.