من أرشيف محاضر الحكومة الصهيونية عام 1967: مخطط لتعطيش أهالي غزة والضغط على أشقائهم في الجليل بهدف التهجير
كشف النقاب في الكيان الصهيوني عن محاضر جلسات تاريخية بمناسبة 50 عاما على احتلال1967، يستدل منها أنها بلورت مخططات ودرست تنفيذها بغية تهجير الفلسطينيين في غزة والجليل داخل أراضي 48.
وتلقي محاضر جلسات الحكومة الضوء على قسم من نقاشات المجلس الوزاري الأمني بعد الحرب. ومن بين المقترحات التي طرحت في حينه، ضم الضفة الغربية، وإقامة دولة فلسطينية او إعادة الضفة الى الأردن. وبشأن قيام دولة فلسطينية تم عرض الموقف الأمريكي المعارض بسبب تخوفه من شد روسيا (الاتحاد السوفييتي في حينه) لخيوط الدولة العتيدة.
وقال الوزير مناحيم بيغن في حينه انه يحظر التخلي عن عمق الأراضي التي تحمي الخط الساحلي، الذي تعيش فيه غالبية الجمهور اليهودي. وانتهت النقاشات من دون حسم القضية، ولخص رئيس حكومة الاحتلال وقتها ليفي اشكول تعقيدات القضية قائلا: “كلنا نعرف الخطر الكامن في إمكانية تحول العرب من 40 % الى 60 %، أرى الخطر الكامن في البقاء داخل حدود أمنية”.
“تعطيش غزة علهم يرحلون”
وفي محضر آخر بحثت الحكومة بعد احتلال الضفة وغزة مخططات لـ “تفريغ غزة”، “وتقليص” عدد العرب في الجليل، وتشجيع هجرة الفلسطينيين من الضفة. وتضم المواد المنشورة على موقع أرشيف الدولة مئات الصفحات من بروتوكولات اللجنة الوزارية المعنية بالشؤون الأمنية بين أغسطس/ آب وديسمبر/ كانون الأول 1967. ويستدل من الاطلاع عليها أنه في الأشهر الستة الأولى التي أعقبت النكسة كان وزراء الحكومة مرتبكين ومحرجين، وأحيانا عاجزين عن مواجهة التحديات التي وقفت على عتبة اسرائيل. ويستدل أيضا ان إسرائيل التي احتلت قطاع غزة والضفة الغربية ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء لم تكن مستعدة مسبقا لليوم التالي، واضطرت بعد الحرب الى ارتجال خطواتها. وهكذا، في كانون الأول 1967، بعد ستة أشهر من الاحتلال، تساءل رئيس الوزراء ليفي اشكول عن كيفية معاملة إسرائيل لمئات الآلاف من العرب الذين باتت تسيطر عليهم. وقال: “سيتعين علينا في وقت ما ان نقرر بشأن مصيرهم”.
بالنسبة لأشكول، لم يكن هناك ضغط لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة. وقال “اقترح ان لا نصل الى التصويت او اتخاذ قرار اليوم. مر 20 عاما مع ثلاثة حروب، ويمكننا ان نجتاز 20 عاما أخرى بدون قرار”. وحظي اشكول بدعم من وزير المواصلات موشي كرمل الذي قال” إذا جلسنا لمدة 20 عاما، فإن العالم سوف يعتاد على جلوسنا في هذه المناطق”.
لكن استعراض البروتوكولات الأخرى يبين أن اشكول فهم جيدا أنه سيكون من المستحيل تجاهل المشاكل التي يطرحها الاحتلال امام إسرائيل على المدى الطويل، ولا سيما السيطرة على مئات الآلاف من الفلسطينيين.
وفي إحدى المناقشات، شبه إسرائيل بـ “عنق الزرافة” لأنها ضيقة، وقال “إن هذا الشريط من البلاد يشبه رقبة بائسة ويشكل تهديدا بالنسبة لنا، لأنه تماما مقدم للذبح”. وأضاف: “الأمور ليست سهلة. مليون عربي، هذا أمر ليس بسيطا بتاتا بالنسبة لنا. لا أتخيل هذا الأمر. كيف سننظم الحياة في البلاد، عندما يكون لدينا 1.4 مليون عربي هنا، ونحن 2.4 مليون، ولدينا الآن أيضا 400 ألف عربي آخر في البلاد بقوا منذ 1948″.
وحدة للتهجير
ومن بين “الحلول” للوضع الجديد، وفقا لأشكول، كان “تشجيع″ العرب الفلسطينيين على الهجرة. وأبلغ الوزراء بأنه “يعمل على إنشاء وحدة أو خلية لتشجيع هجرة العرب من هنا”. وأشار أيضا الى انه “يجب التعامل مع هذه المسألة بهدوء وسرية، ويجب ان نبحث عن سبل لتهجيرهم الى دول أخرى وليس فقط الى ما وراء نهر الأردن”. وأضاف “من الممكن إذا لم نعطهم ما يكفي من المياه ان لا يكون لديهم مفر، لأن البساتين ستصبح صفراء وستموت”.
وتطرق اشكول الى “حل” ممكن آخر هو اندلاع حرب أخرى، وقال “ربما ستكون لدينا حرب أخرى، ومن ثم سيتم حل هذه المشكلة، ولكن هذا نوع من “الترف”، وهو حل غير متوقع″. وتابع: “نحن مهتمون بتفريغ غزة أولا”.
ورد عليه وزير العمل يغئال ألون قائلا” لم يكن سيئا بتاتا تخفيف الجليل من العرب”.
ولخص وزير الشؤون الدينية زيراح فرهافتيغ بصيغته الخاصة: “زيادة عدد اليهود واتخاذ جميع الوسائل الممكنة لتقليل عدد العرب”.
ومن بين الأفكار التي طرحها وزير الأمن موشيه ديان كان منح تصاريح عمل في الخارج لعرب الضفة الغربية وقطاع غزة. وساد من وراء هذا الأمل الاعتقاد بأن بعضهم سيسافرون إلى الخارج ويفضلون البقاء هناك. معتقدا أنه من خلال السماح لهؤلاء العرب بالبحث عن عمل في دول أجنبية تزداد فرصة رغبتهم بالهجرة بعد ذلك الى تلك الدول”.
نقل اللاجئين من غزة الى الأردن
أما بالنسبة لمستقبل قطاع غزة، فقد كان ديان متفائلا بالذات، ووفقا لحساباته، فإنه من بين حوالي 400 ألف شخص عاشوا في غزة في ذلك الوقت، سيبقى فقط 100 ألف شخص. أما الباقي، الذين وصفهم باللاجئين “فيجب إخراجهم من هناك وفقا لأي ترتيب سيتم”. ومن بين الأفكار التي طرحها”نأخذهم ونوطنهم في شرق الأردن”.
ولم يكن ديان شريكا بالقلق بشأن السيطرة العسكرية الاسرائيلية على عرب الضفة الغربية. وقال “ليس لدى أي مصلحة في التدخل في حياة المدنيين، لست معنيا بأن يجلس الجيش بالذات في نابلس. يمكنه الجلوس على تلة خارج نابلس″.
وعرض وزير القضاء يعقوب شمشون شبيرا، موقفا عكسيا، حيث دعا الى الانسحاب من الضفة وغزة، وحذر من ان اسرائيل لن تكون قادرة على الاستمرار في الوجود كدولة يهودية إذا واصلت السيطرة عليها. وتابع “لن نتمكن من الحفاظ على الجيش الاسرائيلي، حين ستكون لدينا نسبة كبيرة من السكان خارجه، ولن تكون لدينا قيادة عسكرية بدون عرب وبالتأكيد لن تقوم حكومة ولا لجنة للشؤون الخارجية والأمن بدون عرب، حين ستبلغ نسبهم 40%”.
كما حذر وزير المالية بنحاس سبير من أن البقاء في الأراضي هو “كارثة لدولة إسرائيل” وأن إسرائيل ستصبح في نهاية المطاف “دولة عربية بكل صفاتها”. كما حذر من انه لا يوجد سبب يدعو الى عدم إعلان الضفة الغربية عن استقلالها، قائلا إن السؤال هو فقط متى ستفعل ذلك.
وتمسك وزير التعليم زلمان أران بموقف مماثل وقال “أنا لا أتقبل للحظة مفهوم أن كل العالم خارجنا سوف ينظر إلى حقيقة أننا نأخذ كل شيء لأنفسنا ونقول “صحتين”… فبعد سنة أو ستة أشهر أخرى سوف يستيقظ العالم، وهناك عالم خارجنا وسيطرح أسئلة ويمارس الضغط علينا”.
وعارض اران نهج رجال الأمن برئاسة ديان الذين وجدوا مبررات أمنية للسيطرة على الأراضي المحتلة حتى قبل ان تقرر الحكومة نواياها السياسية. وقال باستهتار: “فجأة، بعد كل هذه الانتصارات، ليس هناك وجود من دون هذه الأراضي؟ من دون كل تلك الأشياء التي لم يحلم بها قبل ستة أيام من هذه الحرب، مثل القدس؟
طبعا حقوق العرب لم تزعج اران بشكل خاص، فخوفه الكبير كان على مستقبل الدولة اليهودية حيث يقول “ان الدولة اليهودية بالنسبة لي هي الأمر الحاسم. كما أعرف الشعب اليهودي في إسرائيل وفي الشتات، بعد كل البطولات والمعجزات والعجائب، دولة يهودية مع 40 % من العرب – هذه ليست دولة يهودية، هذا طابور خامس لتدمير دولة إسرائيل. هذه قبلة موت بعد جيل او جيل ونصف”. وأضاف قلقا ومحذر “انا أرى المليوني يهودي في البلاد بشكل مختلف عندما سيكون هنا 1.3 مليون عربي في البلاد … 1.3 مليون عربي، مع خصوبتهم وتكاثرهم، والكراهية الدائمة… يمكن التغلب على 60 ألف عربي، ولكن ليس على 600 ألف، وليس على مليون”.