تواطؤ أميركي بالعدوان على غزّة.. هل يعجز الأصيل عن كبح الوكيل؟
توقّف الباحث دانيال لاريسون، في مقالة نُشرت على موقع “ريسبونسيبال ستايتكرافت” الأميركي، عند الدعم الأميركي التلقائي للحملات “الإسرائيلية” العسكرية على قطاع غزة على مدار الأعوام، مشبهًا ذلك بدعم الولايات المتحدة للتحالف السعودي ضد اليمن.
وأشار الكاتب إلى أنَّ واشنطن لم تقلّل من دعمها العسكري لـ”إسرائيل” رغم ضرب الأهداف المدنية بشكل متكرر. كما أضاف أنَّ: “إدارة جو بايدن لم تقم فقط برفض الضغوط المطالبة بوقف إطلاق النار للحرب الدائرة اليوم في غزة، وإنما لم تضع كذلك أي خطوط حمراء من شأنها تقليص أو قطع المساعدات عن “إسرائيل””.
كذلك تابع أنَّ: “الرسالة التي وجهتها الولايات المتحدة جراء أفعالهم هي أن لن تكون هناك أي تداعيات تطال حكومة الاحتلال الصهيوني مهما فعلت الأخيرة في قطاع غزة”. وشدَّد الكاتب على ضرورة أن تستفيد واشنطن من نفوذها من أجل الحدّ من الأضرار الناتجة عن الحرب والسعي إلى وقف القتال، إلا أنه قال: “إن واشنطن، وبدلًا من ذلك تتخلى عن مسؤولياتها”، كما وصف المقاربة الأميركية الحاصلة بالكارثة لشعب غزة، ووصمة عار على سمعة أميركا.
هذا وتحدث الكاتب عن ضرورة حصول تغيرات جوهرية في السياسة الأميركية، مشيرًا إلى ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” عن عدم استعداد إدارة بايدن لوضع شروط على الدعم الأميركي لـ”إسرائيل”، لافتًا إلى أنه ووفقًا للصحيفة، فإنّ وضع شروط على الدعم العسكري ليس خيارًا مطروحًا، وذلك كونه خيارًا لا يحظى بتأييد، وأيضًا بسبب التزام بايدن “الشخصي” حيال كيان العدو.
لكنّ الكاتب رأى أن مثل هذه الذرائع لدعم المقاربة الحالية وتأييد الحرب بالمطلق هي ضعيفة جدًا، وتحدث عن إمكان أن تستفيد الولايات المتحدة من نفوذها من أجل كبح جموح الحكومة “الإسرائيلية”، لكنّه بيَّن أنَّ الإدارة الأميركية لا تريد ذلك لعوامل عدة تتعلق بالخشية والعقيدة و”المشاعر”.
كذلك أكَّد أنَّ على الولايات المتحدة ألا تدعم حكومة أخرى عندما ترتكب جرائم حرب، لكنه أضاف أن: “الولايات المتحدة هي متواطئة عندما تسمح لأي وكيل بفعل ما يشاء”.
كما شدّد على أنَّ تحذيرات المسؤولين الأميركيين التي تؤكد ضرورة الالتزام بالقانون ليس لها أي تأثير عندما تقوم واشنطن “بتمكين” الحرب التي يشنها الوكيل، مشيرًا إلى أنَّ الشيء الوحيد الذي سيؤثر على الأرجح على الوكيل، في خضم الحرب، هو احتمال خسارة بعض الدعم أو كلّه من واشنطن.
ولفت الكاتب إلى أنَّ من يديرون السياسة الخارجية “لأقوى بلد في العالم” يزعمون أنهم لا يستطيعون القيام بشيء في حرب يدعمونها هم أنفسهم وبقوة، مؤكدًا أنَّ المطلوب بذل مساعٍ مكثفة من أجل إحداث التغيير، وذلك إذا ما كانت الإدارة الأميركية مقتنعة بالفعل أن الرد “الإسرائيلي” على عملية “طوفان الأقصى” هو مبالغ فيه، وحمل معه أثمانًا باهظة.
كما قال: “إنه لا مبرر لعدم السعي إلى “كبح وكيل” قبل مجرد المحاولة، لافتًا إلى أنَّ إدارة بايدن التي تروّج لأهمية “الدور القيادي الأميركي” لا تمارس هكذا دور إذا ما كان يعني الانفصال عن أحد “الوكلاء””.
وفي حين يقول الكاتب: “إن الولايات المتحدة قد لا تستطيع أن تسيطر على كل ما يقوم به وكلاؤها”، شدّد على أنها تستطيع أن تتحكّم بالسلاح والغطاء الدبلوماسي الذي يسهّل من شنّ الحروب. ولفت إلى تلك الأصوات التي تقول “إن الوكيل لن يوقف الحرب فقط بسبب عدم موافقة واشنطن، اذ إنه، وبينما رأى أن تلك الأصوات قد تكون محقّة، قال إنّ الحكومات الوكيلة عادة ما تبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه لوقف القتال عندما تخشى من فقدان الدعم الأميركي”.
وأضاف الكاتب أنَّ: “ذلك إنما لا يصبّ في صالح الولايات المتحدة والسلم والأمن الإقليميين، ولا يصبّ في صالح الوكلاء أنفسهم حتى على الأمد الطويل”، كما شدد على أنه حان الوقت كي تضع واشنطن شروطًا على الدعم العسكري الذي تقدمه للوكلاء في الشرق الأوسط مثل “إسرائيل”، وأن لا تخشى قطع المساعدات عندما يبدأ الوكلاء بما أسماه “القيادة المتهورة”.