محللون صهاينة: مستقبل جبهة الشمال لا يمكن أن ينتظر انتهاء المعركة في الجنوب
المخاوف الصهيونية من الجبهة الشمالية لا تفارق قادة ومسؤولي الكيان، وحال الهلع التي يثيرها حزب الله لديهم تتصاعد مع اتساع رقعة عمليات المقاومة في مناطق الجليل على امتداد الحدود اللبنانية الفلسطينية. وهذا ما فرض على المستوطنين خطوات غير مسبوقة، لا سيما مغادرتهم إلى الداخل المحتل إلى أمكنة أكثر أمنًا، كما وصل الحال بجنود العدو مؤخرًا للمبيت تحت الأمطار خوفًا من التحصن في منازل وأبنية لم تعد توفرها صواريخ المقاومة الإسلامية ضمن مديات بعيدة، عدا عن حال الرعب المستمرة من قوة الرضوان والسيطرة على الجليل.
في هذا الإطار، قالت وسائل إعلام العدو: “الكلّ يعرف أن نحو 85 ألف مواطن إسرائيلي اضطروا إلى مغادرة منازلهم القريبة من الحدود اللبنانية، وأصبحوا لاجئين في بلدهم، يوجد 9000 عنصر مدرب من قوات الرضوان تقريبًا، وهم مستعدون للقيام بهجوم شبيه بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر من الجنوب اللبناني.. ولدى حزب الله ما يقارب الـ 40 ألف مقاتل، وللميليشيات الفلسطينية نحو 30 ألف مسلح.. كما أن الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سوريا كثيرة، وفي حال نشوب حرب شاملة، ستكون “إسرائيل” في مواجهة جبهتين في الشمال مختلفتَين، حيث سيحارب ضدها 100 ألف مقاتل” وفقًا لتعبيرها.
ويضيف إعلام العدو: “من مجموع 150 ألف صاروخ لدى جيش ا”لإرهاب” الشيعي، يوجد 5000 صاروخ دقيق، ويقدَّر عدد صواريخ الكورنيت بمئة، وعدد المسيرات القتالية بـ 2000، كما أن لدى حزب الله صواريخ مضادة للدروع متطورة وصواريخ بر- بحر.. من هنا، فإن خط 72 كلم الذي يفصل بين الدولة اليهودية وبين لبنان الراديكالي، هو خط شديد التوتر وشديد الخطورة، والتهديد الذي ينطوي عليه أخطر بكثير من تهديد خطر غزة”؛ على حد تعبيره.
يختصر المراسل السياسي لموقع “مكور ريشون” آري شفيط المشهد بالقول: “المعضلة واضحة: الوضع الحالي لا يُحتمل، وليس بإمكان “إسرائيل” قبول أن يعيش سكان كريات شمونه في طبريا، كما لا تستطيع “إسرائيل” قبول وضع يكون فيه من الصعب العيش في مرغليوت، وفي المنارة، وفي يفتاح.. وإذا لم يعُد سكان الجليل في أقرب وقت إلى منازلهم، فستنهار الصهيونية من تلقاء نفسها”.
ويضيف: “لكن الحرب الشاملة مع حزب الله، ومع الميليشيات الفلسطينية والميليشيات الموالية لإيران، معناها حدث لم نشهد مثله في تاريخنا، لا نعرف ماذا سيجري في قواعد سلاح الجو عندما ستهاجَم بمئات الصواريخ الدقيقة، وليس واضحًا ماذا سيحدث لمحطات توليد الطاقة عندما ستُقصف، ولا نعرف إلى أي حد “إسرائيل” مستعدة لتحمُّل هجوم على منشآتها الاستراتيجية وبناها التحتية الحيوية”.
ويتابع شفيط: “يقول المتفائلون المعتدلون إن الحل المهذّب للمعضلة هو تطبيق القرار 1701، وإن المجتمع الدولي سيجبر لبنان على تطبيق القرار المشهور الصادر عن مجلس الأمن، وإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، والولايات المتحدة وفرنسا هما اللتان ستحلان المشكلة بطريقة سياسية، بينما يقول المتشائمون الناشطون إن الجيش هو الذي سيقوم بالمهمة، وبعد الانتهاء من تفكيك حماس، سنقوم بعملية عسكرية محدودة في الجنوب اللبناني، تجبر نصر الله على تطبيق القرار 1701، رغمًا عنه”؛ وفقًا للمزاعم الصهيونية.
ويضيف: “لكن يوجد شك كبير في أن عملية ضد لبنان يمكن أن تبقى محدودة، وعلى الأرجح أنها ستتحول إلى حرب شاملة، وثمة شك أكبر في أن العمل الدبلوماسي سيجبر أكبر منظمة إرهابية في العالم على قبول انسحاب مهين.. وفي جميع الأحوال، ونظرًا إلى أن عناصر حزب الله مقاتلون مدربون على حرب العصابات، وهم مزروعون وسط السكان المدنيين، ليس من الواضح قط ما هو مغزى إبعادهم إلى ما وراء الليطاني.. من الصعب تنفيذ سيناريو يقتلعهم من قراهم الشيعية في الجنوب اللبناني، في حين توجد في الأنفاق تحت الأرض مخازن أسلحة متطورة وآلاف الصواريخ”؛ على حد تعبيرهما.
ويردف المراسل السياسي أن: “هناك خيارًا آخر، هو خيار القرار 1559، في 2 أيلول/سبتمبر، أصدر مجلس الأمن قرارًا بشأن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وأن قيام حملة دولية تطالب بتطبيق هذا القرار بشدة، يمكن أن تشكّل تهديدًا استراتيجيًا لحزب الله، وأن تخلق صدامًا بين هويته كحزب لبناني، وبين هويته كفيلق إيراني متقدم، ونتيجة ذلك، سيواجه نصر الله مشكلة سياسية حقيقية، وسيتبدد زعمه أنه درع لبنان، وتنكشف حقيقة أنه حوّل لبنان إلى دولة فاشلة منقسمة وفقيرة”؛ وفقًا لقولهما.
ويختم شفيط بالقول: “على أي حال، فإن النقاش المصيري بشأن الشمال يجب أن يجري الآن، ولا يمكن انتظار نهاية العملية البرية في غزة، ولا يمكن تجاهُل المشكلة الإنسانية والأمنية التي تزداد تفاقمًا، ولا تكفي التصريحات التي يطلقها كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين خلال زياراتهم للجليل الأعلى.. إن علَم حزب الله، الذي يرفرف على بُعد مئات الأمتار من تل- حي، يتطلب منهم ردًا صهيونيًا مناسبًا، لكن يجب ألّا يكون ردًا متسرعًا، بل يجب أن يكون جذريًا، حكيمًا، وصارمًا”.