تحليلٌ غربي: أميركا تتبنّى مقاربة خاطئة في تنافسها مع الصين
رأى الكاتبان في موقع “ناشيونال انترست” وليام هارتونج وكريستوفر بريبل أنّ واشنطن تتبنى مقاربة خاطئة في إطار التنافس مع الصين على النفوذ العالمي.
في مقالة مشتركة لهما، اعتبر الكاتبان أنّه “يمكن القول إن الصين تعتمد نهجًا أكثر توازنًا على صعيد الانخراط العالمي، والذي لا يعتمد بشكل أساس على القوّة العسكرية”، وأضافا “بكين تستفيد من التجارة والمساعدات التنموية والدبلوماسية من أجل نشر نفوذها”، وبأنها “تركّز مساعيها أكثر فأكثر على النطاق العالمي وليس فقط في شرق آسيا”.
وأشارا في هذا السياق إلى ما يقوله البعض عن أنّ الصين تنتصر في الشرق الأوسط، لكن دون أن يلعب الاستعراض العسكري دورًا أساسيًا.
ولفت الكاتبان إلى البيانات الصادرة عن مركز “Frederick S. Pardee” التابع لجامعة “Denver” في الولايات المتحدة، والتي بيّنت أنّ الصين حلّت مكان فرنسا وبريطانيا كالدولة الأكثر تأثيرًا في العديد من الدول الأفريقية خلال العقد المنصرم.
وبينما قال الكاتبان إنّ مقاييسَ مثل هكذا نفوذ قد تبدو سريعة الزوال للذين يركزون على عدد السفن والطائرات والصواريخ”، كما نبّها إلى أنّ “القوة الناعمة” هي قوة حقيقية، حيث تعكس قدرة الدول على الاستفادة من الأدوات غير العسكرية تحت تصرفها من أجل إنتاج سياسات تخدم مصالحها.
كذلك قال الكاتبان إنّ “مشروع حزام واحد طريق واحد سمح للصين بأن تعزز نفوذها في العديد من البلدان”، مضيفان بأنّ بكين تستفيد من العلاقات التجارية وتبني علاقات سياسية سمحت لها بأن تلعب دور الوساطة لإبرام اتفاقيات بشكل أما عجزت عنه الولايات المتحدة أو رفضت الانخراط به”. ولفتا بهذا السياق إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اعترفت “على مضض” بأن اتفاقية عودة العلاقات بين إيران والسعودية التي تحققت بوساطة صينية قد تخدم المنطقة”.
وتابع الكاتبان “المقاربة الأميركية حيال العلاقات الدولية والتي تعمد بشكل مفرط على العنصر العسكري تأتي بتداعيات جانبية مؤذية”، كما أردفا بأنّ “التورط الأميركي بالنزاعات الكبرى، إن على الأرض أو عبر مبيعات السلاح، يتسبب حتميًا بتوتر مع بعض الدول، وخاصة تلك التابعة لما يعرف بالمعسكر الجنوبي العالمي. أمّا الصين فهي على الرغم من أنها أجرت مناورات عسكرية وأطلقت الصواريخ في منطقتها، إلا أنها لم تخض حربًا منذ ما يزيد عن خمسين عامًا”.
ورأى الكاتبان أنّ “الاستراتيجية الأميركية الحالية حيال الصين تعتمد بشكل مفرط على أعداد الخطط حول كيفية الانتصار في الحرب ضد بكين، والذي ينبع من تصميم للتفوق في التكنولوجيات التقليدية والناشئة، مثل الصواريخ الفرط صوتية والأسلحة النووية”، وتابعا “بينما يجري الحديث الكلامي أحيانًا عن ضرورة التعاون مع الصين حول تحدّيات أساسيّة مثل الحدّ من التغيّر المناخيّ ومنع انتشار الأوبئة، إلّا أنّ الكلام والموارد تخصص بشكل أكبر بكثير على وضع العلاقات مع الصين في خانة المعضلة العسكرية”.
كما قالا إنّ “المقاربة الأفضل هي التي تشمل إيجاد سبل من اجل خفض التوتر والتعاون حتى في القضايا ذات الخلافات الجوهرية مثل حقوق الإنسان التوازن العسكري في شرق المحيط الهادئ”.
أما على صعيد التنافس مع الصين على النفوذ في الساحة الدولية، فنصح الكاتبان أن تستفيد واشنطن من النهج الذي تتبعه بكين وأن تخصص المزيد من استثماراتها وطاقتها للمجالين الاقتصادي والدبلوماسي، والتحرك باتجاه تحجيم قدراتها “الدفاعية” وفي نفس الوقت الحفاظ على قوتها.
ونبّه الكاتبان من أنّ استمرار المسار العسكري الحالي لن يكون مكلفًا جدًا فحسب، بل إنّه سيؤدي على الأرجح إلى سباق تسلح وتعزيز خطر النزاع بين القوى الكبرى، وشددا على ضرورة أن يعيد صناع السياسة الأميركيون التوازن في الأدوات المستخدمة في السياسة الخارجية من اجل مواجهة التحديات، بدلًا من التمسك بأساليب الماضي.