“معاريف”: نتنياهو يتصرف كطفلٍ في نوبة غضب
رأى المحلّل السياسي الصهيوني بن كسبيت، في مقالة نشرتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن قرار رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو “معاقبة الإدارة الأميركية وعدم إرسال وفد إلى واشنطن من أجل بحث مسألة رفح، هو دليل ثابت يؤكد أن هذا الرجل لم يعد صالحًا للحكم”. وقال: “حتى لو كان على حق تمامًا وبصورة موضوعية – وليس هذا هو الوضع- فإنّ رد نتنياهو مأخوذ من مسرحيات العبث.. هو يهين الإدارة الأميركية لأنه يشعر بالإهانة”.
ورأى كسبيت أن نتنياهو يسعى، من خلال افتعال هذه الأزمة التي لا حاجة لها إزاء الإدارة الأميركية، إلى تغيير جدول الأعمال في وسائل الإعلام، وتحويل النقاش إلى النزاع بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن، وصرفه عن قانون التهرُب من الخدمة الكارثي، مشيرًا إلى أن نتنياهو: “مستعد للتضحية بالعلاقات مع الولايات المتحدة، مقابل قسيمة إعلامية – سياسية قصيرة الأمد، فكل يوم يمر وهذا الرجل في الحكم يشكّل ضررًا استراتيجيًا على مستقبل إسرائيل”.
ونقل عن شخص عمل مع نتنياهو لسنوات طويلة جدًا، في مناصب رفيعة المستوى، قوله: “لقد كان نتنياهو مقامرًا على الدوام وسيبقى مقامرًا؛ ففي سنواته الأولى كان مقامرًا صغيرًا، وحرص دائمًا على أن يبقى له ما يكفي من المال للمضي قُدُمًا، حتى عندما يوشك على الخسارة، كان دائمًا يضاعف المبلغ على أمل أن يتغير حظه.. لكنه في هذه المرحلة يضع كل ما لديه، المال والبيت والأملاك والمستقبل”.
وتابع كسبيت أن: “نتنياهو الآن لا يراهن على منزله وأملاكه، إنما يراهن على منازلنا وأملاكنا، وعلى الرصيد الإسرائيلي الوحيد الذي لا بديل منه، المتمثل بالولايات المتحدة الأميركية، وهو يفعل ذلك وهو يعرف الأهمية الهائلة للتحالف الإسرائيلي – الأميركي بالنسبة إلى أمننا القومي، ويعرف أن أحد أهم العوامل التي كانت تردع أعداءنا على مر السنوات هو أن الولايات المتحدة كانت دائمًا تقف إلى جانبنا، وستبقى كذلك في المستقبل، والجيش الإسرائيلي غير قادر على القيام بأي عملية في الجنوب أو في الشمال من دون أن يعرف أنه سيكون محميًا بمظلة جوية أميركية، وبالسلاح والعتاد وقطع الغيار والقنابل وغيرها”.
وأضاف: “هذا الرجل خطر علينا كلنا، وعلى مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وعلى الحلف الاستراتيجي الذي يشكّل الدعامة الأولى لـلأمن القومي الإسرائيلي.. نتنياهو لا يفعل كل هذا من أجل منع قيام الدولة الفلسطينية أو القضاء على المشروع النووي الإيراني، إنما يفعل ذلك من أجل ترميم صورته زعيمًا قويًا، وتحويل الانتباه عن الخضوع المطلق لإرادة الحريديم عبر قانون التهرب الذي يُطرح اليوم على الحكومة.. إنه لا يبيعنا كلنا وحسب، بل يفعل ذلك في مقابل شيء لا قيمة له”.
وأضاف كسبيت: “نتنياهو يعلم أن قانون التجنيد الفاسد يمكن أن يصبح قبره السياسي، لذلك يفضّل استخدام ممارسته القديمة من أجل تحويل الانتباه الإعلامي إلى أزمة مفتعلة مع واشنطن”، مشيرًا إلى أن: “المشكلة هي أن الأميركيين لا يسيرون فعلاً مع الدور الذي أعطاهم إياه نتنياهو، فكل من يفهم الولايات المتحدة يعلم أن الأميركيين لا يحبون أن يكونوا كيس ملاكمة، والمقابر ملأى بزعماء ودول حاولوا أن يحوّلوا واشنطن إلى كيس ملاكمة”.
كسبيت ذكّر أن: “نتنياهو قرر في العام 2015 إهانة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما من أجل الفوز على إسحاق هرتسوغ (الرئيس الإسرائيلي) في الانتخابات، فذهب وألقى خطابًا في مجلسي النواب والشيوخ، وحُذّر بأنه يلعب بالنار، وقال له عشرات الأشخاص حينها شفهيًا وكتابيًا إنه يضع الأساس لتدمير التأييد التقليدي للحزبَين الكبيرَين في الولايات المتحدة لـإسرائيل، وقد تحققت جميع هذه التحذيرات”، وأضاف: “بعد مرور 9 سنوات، غيّر الحزب الديمقراطي توجهه، وبدأ الابتعاد عن إسرائيل، ونحن الآن في مرحلة يمكننا أن نغير هذا التوجه، لكن نتنياهو لا يحاول أن يفعل ذلك، إنما على العكس، يحاول بكل قوته إبعاد الحزب الديمقراطي عنا”.
وقال: “لم يسبق أن حصلت إسرائيل على مساعدات بهذه الأحجام الهائلة التي قدّمها بايدن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويُذكر يومها أنه جرى الحديث عن حرّية للعمل العسكري حتى نهاية العام، ومن بعدها، طُرح إمكان قبول الأميركيين استمرار الجيش في عمليته في غزة خلال كانون الثاني/يناير. وفي هذه الأثناء، مرّ شباط/فبراير، وها قد كاد شهر آذار/مارس ينتهي، والصبر الأميركي استمرّ وطال، وكل ما طُلب من نتنياهو أن يفعله ردًا لجميل بايدن على تأييده الكبير بكل الوسائل هو السماح بدخول المساعدة الإنسانية، والحديث عن اليوم التالي””.
ولفت كسبيت إلى أن: “هذين الموضوعين غير المعقدين قوّضهما نتنياهو، ماطل، وتحدّث بلغة مزدوجة، فوافق على دخول شاحنات مساعدات إلى غزة، لكنه لم يمنع المتظاهرين الذين أوقفوا مرور هذه الشاحنات عند السياج الحدودي، وحينها نفد صبر الأميركيين.. والآن، بدلاً من بذل كل شيء للتصالح معهم، فهو يتصرف كطفل في نوبة غضب، والمشكلة أن هذا الطفل ليس لديه أهل، وإذا كان أهله بالتبنّي يئسوا منه، فهو سيبقى وحيدًا مع نفسه، ومع نوبة غضبه.. وهذا ما نحن فيه الآن”.