أخبار محليةاهم الاخبار

مستوطنو الشمال: غضب وقلق.. ولا عودة

تشكل الجبهة الشمالية خاصرة رخوة للكيان الصهيوني في ظل الحرب التي يشنها على غزة، وجبهة المساندة التي تفتحها المقاومة في لبنان نصرة للمقاومة الفلسطينية. الوضع الصعب للمستوطنات الشمالية، موضع قلق مستمر لقيادة العدو. في هذا الإطار، يستصرح موقع “كالكاليست” الإسرائيلي العديد من رؤساء مجالس المستوطنات في الشمال، للحديث حول أوضاع النازحين وفشل خطة الدعم الحكومي، وحالة الغضب واليأس من العودة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023.

ويقول الموقع: “أمام الواقع الذي لا يحتمل في الشمال، يقف رؤساء البلديات والسلطات التي تم إخلاؤها، محاولين مساعدة المستوطنين المنتشرين في أنحاء البلاد(الكيان)”، مشيرًا إلى أن “المحادثات معهم تعكس صورة صعبة: “استجابة جزئية من جانب الحكومة في ما يتعلق باحتياجات النازحين، وإنعدام مطلق للنظرة إلى المستقبل، ومجتمعات كاملة قد تنهار”.

وينقل الموقع عن رئيس بلدية “كريات شمونة” أفيخاي شترن قوله: “لقد أَجبَرَنا الواقع على إيجاد حلول إبداعية، لكننا لا نتلقى أي مساعدة من “الدولة” (الكيان)، أبذل قصارى جهدي على مدار اليوم بالأعمال الخيرية”، حسب تعبيره.

الواقع الأمني الصعب ألحق ضررًا جسيمًا بـ”كريات شمونة”، بحسب شترن، الذي يعدد: “تضرر حوالي 40 بيتًا وشقة بسبب الضربات المباشرة، هناك مبان كثيرة لم تتضح بعد حالتها، تعرضت لأضرار غير مباشرة جراء الشظايا، وهناك مدرستان أصيبتا أيضًا إصابات مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت المدينة لضرر جسيم في البنى التحتية، والطرقات والأرصفة”.

* 40 % من مستوطني كريات شمونة لن يعودوا

يشير موقع “كالكاليست” إلى مسح ميداني أجرته كلية “تل حيّ” يظهر أن 40 % من مستوطني المنطقة لن يعودوا. ويعلّق شترن على هذه المُعطى بالقول: “إنه معطى مقلق جدًا. يقطن في “كريات شمونة” 24 ألف “مواطن”. عاد القليل منهم، وثمة حاليًا 21 ألف نازح يتواجدون في 230 فندقًا، أو شقق مستأجرة أو عند أقربائهم، ويتوزعون على 460 مستوطنة”.

وبحسب الموقع، بعد مرور عدة أشهر من إهمال إعادة تأهيل الشمال والمستوطنين النازحين، تعتزم حكومة العدو طرح خطة حكومية تعنى بهذا الأمر في الوقت القريب، وسيتم تقسيمها إلى خطة قصيرة المدى وخطة طويلة المدى. للمدى القصير، سوف تحاول الحكومة تقريب اقامة النازحين من مستوطناتهم، مثل الجليل الأسفل، وجمعهم بالقرب من بعضهم للحفاظ على الصورة المجتمعية. لكن شترن علّق على هذه الوعود بالقول: “سمعت عن الخطة، لكنّها ليست ذات صلة بمدينتنا. ليس هناك أي مكان يمكن أن يتسع 24 ألف مواطن”.

* رئيس مجلس مستوطنة المطلة: أبكي كلّ صباح

الموقع استصرح كذلك رئيس مجلس مستوطنة المطلة دافيد ازولاي الذي أدلى بكلام مماثل: “من الصعب التعامل مع مستوطنة تضم سكانًا نازحين، ورؤية البيوت المدمرة. أبكي كلّ صباح. هناك تهديد كبير تشكِّله صواريخ الكورنيت ولا يمكن الاحتماء منها. فهي تخترق حائط باطون بعمق 120 سنتم وفولاذ، ولذلك حتّى المكان الآمن في المنزل لا يشكّل حلًا”. ووفقا لكلام أزولاي “الجميع غادر المطلة، لكنني اتّخذت قرار بألا أغادر من هنا. في غضون ستة أشهر منذ اندلاع الحرب لم أبت سوى ثلاثة ليالي خارج المطلة. أعيش في غرفة عمليات المطلة، مع مجموعة التأهب. لم أستطع حتّى الذهاب إلى منزلي، لأنني في الجهة الشرقية من المستوطنة. أحيانًا أقفز إلى المنزل ليلًا، مع حماية”.

يقول أزولاي إنّ 80% من مستوطني المطلة انتقلوا بداية إلى فنادق في طبريا، لكن اليوم بقي هناك فقط 17%، خصوصًا أبناء الجيل الثالث، في حين غالبية المستوطنين انتقلوا للسكن في منطقة غلاف طبريا في شقق مستأجرة.

الأضرار كبيرة ومؤلمة للعدو في المطلة. حتّى الآن تضرّر 130 منزلًا في المستوطنة بإصابة مباشرة، أي 25% من إجمالي المنازل. وبحسب أزولاي “لا يمكننا التحرّك من مكان إلى آخر إلا عندما يتواجد ضباب، وهناك شوارع لم أنجح بالوصول إليها”. أزولاي شخصيًا مسؤول عن توثيق الاستهدافات: “لدينا إجراء منظم جدًّا في الموضوع، فأنا أصوّر كلّ استهداف، في كلّ مكان، أتّجه شخصيا إلى كلّ استهداف، ألتقط صورًا وأصوّر أفلامًا، وفقط أنا من ينقل الأخبار للعائلات. عندما يتلقى أحد سكان المطلة مني اتّصالًا هاتفيًا يرتعب”.

يتحدّث أزولاي عن أنّ 13 عائلة تعيش بالإيجار في المستوطنة تركتها ولا تنوي العودة إليها، ويضيف: “المطلة نمت بنسبة 30% في نصف السنة الماضية بفضل طلاب “تل حاي”، الذين أرادوا تلقّي منح الحرب وسجّلوا أنفسهم كسكان. هم توقفوا عن دفع إيجار الشقق، لكنّهم لا زالوا يتلقون منحًا حتّى الآن، لأنّ أحدًا منهم غير قادر على التعامل مع الظرف الحالي”.

وحول الخطة التي يفترض بالحكومة أن تعرضها للاهتمام بالمنطقة الشمالية، يقول أزولاي: “هذه الخطة لا تلبي الكثير من المجالات، للأسف الشديد، تواصل حكومة “إسرائيل” غيابها عن الحدث الذي يسمّى الحرب في الشمال. هي أخذت وتتّخذ قرارات حكومية عبر مكتب رئيس الحكومة السياسي وغير المختص. هناك وزارات حكومية معدّة لقيادة إجراءات كهذه، مثل وزارات الداخلية، النقب والجليل. تُتخذ القرارات دون مشاركة هذه السلطات، لا تسهيلات ضريبية لإبقاء المستوطنين أقوياء والعائلات الشابة في الجليل، هناك الكثير أيضًا من الثغرات في القرارات. المؤكّد هو أن القرارات الحكومية لا تلبي حاجات الشمال، تأتي متأخرة جدًّا وتتشكّل بطريقة مشوّهة وغير متخصصة”.

* رئيس مجلس “شلومي”: نحن في حالة كئيبة جدًا

من جهته، يتحدث رئيس مجلس “شلومي” غابي نعمان (وهو داعم لليكود) بخيبة أمل من الاهتمام الحكومي في المنطقة: “الحكومة لا تعمل ويمكنني فقط الأسف على ذلك. هذا يُثقل الأمر على المستوطنين.. نحن في حالة كئيبة جدًا، ولا نعرف ماذا ينتظرنا غدًا”.

يلفت موقع “كالكاليست” إلى أن “شلومي” استهدفت في أربعة منازل وشقق بإصابات مباشرة، وتضرر 150 منزلًا جراء الشظايا. وبحسب الأرقام، من بين 10000 مستوطن، نزح 9000. ووفق نعمان: “1000 مستوطن ما زالوا في منازلهم، يدخلون ويخرجون ويعرّضون حياتهم للخطر. حوالي 3000 مستوطني يتواجدون في فنادق، والباقون يسكنون لدى أقاربهم، أو بالإيجار. هذا هو الواقع، مستوطناتنا مهجورة، والمجتمع مشتت. مهمتنا الأساسية اليوم هي توحيد وجمع المجتمع، ما يقلقني أكثر هو أننا لا نعرف متى سنعود إلى المنازل”.

بدوره، يقول رئيس مجلس “ماروم هاغليل” الإقليمي عميت سوفر (يدير 12 مستوطنة تم إخلاء اثنتان منها هما “دوفيف” و”أفيفيم” وتدار العشرة الباقيات وفق روتين الطوارئ): “علما، كرم بن زمرا، ريحنيا ودلتون، التي تبعد حوالي 5 كلم عن الحدود الشمالية، لم تخل لاعتبارات عملانية، إلا أنّها تواجه هلعًا وجوديًا. في نهاية الأمر، العيش في هذه المستوطنات ليس أقل تحديًا من العيش في المستوطنات التي تم إخلاؤها. يوجد تأثير متراكم لاستمرار هذه الهجمات. الكثير من “السكان” الذين أدركوا أن المعركة ستكون طويلة وبدؤوا بالتفكير بانتقال ثابت من المنطقة”.

ويلفت الى أنه “تمّ إجلاء فقط 1042 مستوطنًا من مستوطنات المجلس، لكنه يقدّر أن حوالي 20% من باقي مستوطني المغتصبات في المجلس اختاروا الانتقال إلى أماكن أخرى وبعضهم لن يعود.

كما يخشى سوفر من انهيار اقتصادي في المنطقة، ويقول إنه “بعد أشهر طويلة من الحرب، من دون مخطّط اقتصادي، نشهد ضائقة في كلّ شيء، أخشى أن نصل إلى نقطة اللا عودة. الخطة التي تشمل تخصيص 3.5 مليار شيكل للمساعدة هي للتشجيع وليست علاجًا سحريًا. هناك نازحون يعرفون أنهم لن يعودوا إلى منازلهم خلافا للجبهة الجنوبية، التحدّي الأمني هنا لن يتم حلّه وسيستمر أيضًا، إلى جانب التحدّي الاستيطاني”.

هذا هو حال اللايقين، والاضطراب الذي يعشعش في قلوب مستوطني الشمال، ورؤساء المستوطنات لديهم، في ظل حكومة فاشيّة تغامر بمستوطنيها، هربًا من المحاسبة الكبرى التي تنتظر أفرادها وقادة جيشها ورئيسها عند اليوم الأول بعد انتهاء الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى