العدو يحضّ جميع سكان مدينة غزة على إخلائها وسط معارك ضارية واستئناف المفاوضات في الدوحة
دعا جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء جميع سكان مدينة غزة الى إخلائها بينما تتواصل العملية العسكرية الواسعة التي يشنها منذ أيام في شمال القطاع المحاصر، والتي دفعت عشرات آلاف الأشخاص الى النزوح مرة بعد مرة.
وتتواصل المعارك العنيفة في عدد من المناطق بين جيش العدو الإسرائيلي وحركة حماس، غداة قصف إسرائيلي على مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في وسط القطاع تسبب، وفق سلطات حماس، باستشهاد 29 شخصا. وهي الضربة الرابعة لمدرسة خلال الأيام الأخيرة. وتقول دولة الاحتلال إنها كانت تستهدف مقاتلين يحتمون بالمدنيين.
في الدوحة، تستأنف اليوم المفاوضات في حضور مسؤولين من إسرائيل والولايات المتحدة التي تقوم بدور الوسيط الى جانب قطر ومصر، في الحرب المتواصلة منذ تسعة أشهر، من أجل التوصل الى وقف لإطلاق النار يضمن إطلاق الرهائن المحتجزين في غزة.
وألقى الجيش الإسرائيلي الأربعاء آلاف المناشير باللغة العربية على مدينة غزة موجّهة إلى “كل الموجودين في مدينة غزة” تحدّد “طرقا آمنة” رسمت عليها أسهم تشير إلى ممرات الخروج من المدينة نحو الجنوب. وحذّر الجيش من أن “مدينة غزة سوف تبقى منطقة قتال خطيرة”.
وقالت أم نمر الجمال التي نزحت من أحد أحياء غزة مع عائلتها “هذه المرة ال12 التي ننزح فيها. كم مرة سننزح بعد؟ ألف مرة؟ إلى أين سنصل في النهاية؟ إلى أين نذهب؟ لم يعد لدينا طاقة للصبر”.
ونفذت القوات الإسرائيلية الأربعاء هجمات مميتة في أنحاء متفرقة من مدينة غزة وفقا لمصادر طبية والجيش الذي قال إنه استهدف نشطاء في حماس كانوا داخل مبنى تابع للأمم المتحدة.
وفجر الأربعاء، قُتل أربعة أشخاص فيما أصيب آخر بجروح خطيرة في قصف على منزل في منطقة النصيرات وسط قطاع غزة وفق ما أكد مصدر طبي لوكالة فرانس برس.
وفي بني سهيلا قرب خان يونس، قُتل شخصان وأصيب ستة آخرون في غارة على منزل وفق ما أفاد مصدر طبي.
– ضربة على مدرسة –
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه تمكن من قتل عشرات المقاتلين وتدمير أنفاق في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة.
وأكّد الهلال الأحمر الفلسطيني أن سيارات الإسعاف التابعة له لم تتمكن من الوصول إلى الضحايا في غزة بسبب كثافة القصف.
في 27 حزيران/يونيو، أطلق جيش العدو عملية برية في الشجاعية قبل أن يوسعها لتشمل أحياء أخرى غادرها آلاف السكان بعد دعوات أولى من الجيش لإخلاء بعض المناطق.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني “لا مكان آمنا” في قطاع غزة الذي نزح أكثر من 80 % من سكانه الذين يعيشون في ظروف “كارثية” وفق الأمم المتحدة.
ومساء الثلاثاء، قُتل 29 شخصا في مدرسة جنوبي غزة، في رابع غارة جوية تطال مؤسسة تعليمية في القطاع الفلسطيني في غضون أربعة أيام وتنسبها حركة حماس إلى إسرائيل.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الأربعاء أنه استهدف قرب المدرسة مقاتلا من الجناح المسلّح لحماس.
ونقل المصابون إلى مجمع ناصر الطبي، وبينهم أطفال وشباب ومسنون، سيرا على الأقدام أو في شاحنات صغيرة أو سيارات إسعاف، وفق صور لوكالة فرانس برس.
وصرّح لازاريني على منصة إكس “تحولت المدارس من أماكن آمنة للتعليم والأمل للأطفال إلى ملاجئ مكتظة تستحيل في كثير من الأحيان مكانا للموت والبؤس… غزة ليست مكانا للأطفال”.
من جهتها، اعتبرت ألمانيا الأربعاء أن الضربة الإسرائيلية على مدرسة في جنوب قطاع غزة كانت تستخدم ملجأً أمر “غير مقبول” داعية إلى إجراء تحقيق في الحادث.
وكتبت وزارة الخارجية على إكس “تعرّض أشخاص يبحثون عن ملجأ في مدارس للقتل هو أمر غير مقبول. يجب ألا يقع المدنيون، لا سيما الأطفال، في مرمى النيران المتبادلة”. وأضافت “يجب أن تتوقف الهجمات المتكررة على المدارس من قبل الجيش الإسرائيلي”.
– “حملة تجويع” –
في جنيف اتهم عشرة خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة الثلاثاء إسرائيل بشنّ “حملة تجويع متعمّدة وموجّهة” أسفرت عن وفاة آلاف الأطفال في قطاع غزة وهو ما نفته اسرائيل على الفور.
وقال الخبراء إن “حملة التجويع المتعمّدة والموجّهة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال عنف الإبادة وأدّت إلى مجاعة في كل أنحاء غزة”.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر بعد هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب فلسطين المحتلة أسفر عن 1195 قتيلاً معظمهم مدنيّون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزّة، بينهم 42 لقوا حتفهم، حسب الجيش الإسرائيلي.
وردت دولة الاحتلال بحرب مدمّرة في قطاع غزّة تسبّبت باستشهاد 38295 شخصًا على الأقلّ غالبيتهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة في حكومة حماس.
ويتوجّه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ديفيد برنيع الأربعاء إلى الدوحة حيث يلتقيان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وفق مصدر مطلع على المفاوضات، للبحث في سبل التوصل الى هدنة.
وسجّل تغيير في موقف حماس من المفاوضات منذ الأحد حين قال مسؤول في الحركة إن حماس لم تعد تشترط أن تقبل تل أبيب بوقف دائم لإطلاق لبدء التفاوض على هدنة وإطلاق سراح الرهائن، فيما تصرّ دولة العدو على أنها لن تقبل بأي اتفاق لا يمكّنها من مواصلة القتال وتحقيق هدفها المتمثل بالقضاء على حماس.
والأربعاء، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أن 60 % من مقاتلي حماس “تمت تصفيتهم أو إصابتهم” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.غزة (الاراضي الفلسطينية)-(أ ف ب)