أسير محكوم بـ 426 عامًا صار رئيسًا لحركة حماس.. تعرّف إلى القائد يحيى السنوار
بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس، الثلاثاء 6 آب/أغسطس 2024، عن اختيار القائد يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا للقائد الشهيد إسماعيل هنية، فمن هو السنوار؟
يحيى السنوار رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزّة، من مواليد عام 1962، اعتقلته “إسرائيل” عدة مرات وحكمت عليه بأربعة مؤبّدات قبل أن يُفرج عنه بصفقة تبادل الأسرى عام 2011 (صفقة وفاء الأحرار)، وعاد إلى نشاطه في قيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس)، ثمّ انتخب رئيسًا للحركة في القطاع عام 2017 ومرة أخرى عام 2021.
المولد والنشأة
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزّة، بعد نزوح أسرته من مدينة مجدل (عسقلان) شمال شرقي القطاع بعد أن احتلتها “إسرائيل” عام 1948.
تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزّة ويتخرج منها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية في ظروف صعبة سبقها تأثّر طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكرّرة للاحتلال “الإسرائيلي” لسكان المخيمات.
تزوج في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وله ابن واحد يدعى إبراهيم.
النشاط السياسي
كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوًا فاعلًا في الكتلة الإسلامية، وهي الفرع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، حيث شغل مهمّة الأمين العام للجنة الفنية ثمّ اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزّة، ثمّ نائبًا لرئيس المجلس ثمّ رئيسًا للمجلس.
ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهّلته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987.
أسسّ مع خالد الهندي وروحي مشتهى بتكليف من الشهيد الشيخ أحمد ياسين عام 1986 جهازًا أمنيًا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم “مجد”، وكانت مهمّة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس الاحتلال “الإسرائيلي” وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن “الإسرائيلية”، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس.
اعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عامًا، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر، وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة، وفي عام 1985 اعتقل مجددًا وحكم عليه بـ8 أشهر.
في 20 كانون الثاني/يناير 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل “إسرائيليين”، وقتل 4 عملاء للعدو “الإسرائيلي”، وصدرت في حقه 4 مؤبّدات (مدتها 426 عامًا).
خلال فترة اعتقاله، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى “حماس” في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تنقّل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم وبير السبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيّأ دمًا وهو في العزل وحاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلًا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرّملة.
في سجن المجدل، تمكّن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي، أمّا في المحاولة الثانية في سجن الرملة فاستطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلًا طويلًا، لكن العملية لم تتكلل بالنجاح.
تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن الاحتلال منعه من زيارة يحيى 18 عامًا، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عامًا.
مؤلفات في السجن
استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عامًا في القراءة والتعلّم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية “الإسرائيلية”، وألّف عددًا من الكتب والترجمات في المجالات السياسيّة والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته:
ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”، لكارمي جيلون، وهو كتاب يتناول جهاز الأمن الداخلي “الإسرائيلي”.
ترجمة كتاب “الأحزاب “الإسرائيلية” عام 1992″، ويعرف بالأحزاب السياسية في “إسرائيل” وبرامجها وتوجهاتها خلال تلك الفترة.
رواية بعنوان “شوك القرنفل” صدرت عام 2004 وتحكي قصّة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتّى انتفاضة الأقصى.
كتاب “حماس: التجربة والخطأ”، ويتطرّق لتجربة حركة حماس وتطورها على مر الزمن.
كتاب “المجد” صدر عام 2010 ويرصد عمل جهاز “الشاباك” الصهيوني في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى تطوّر نظرية وأساليب التحقيق والتعقيدات التي طرأت عليها وحدودها.
النشاط السياسي والعسكري بعد السجن
أُطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدًا من بين أكثر من ألف أسير حُرّروا مقابل “الإسرائيلي” جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة “وفاء الأحرار”.
وتمت الصفقة بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر بغزّة، حيث لم تنجح “إسرائيل” خلال عدوانها الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.
بعد الخروج من السجن انتخب السنوار عضوًا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولّى مسؤولية الجناح العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وشغل مهمّة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.
عام 2015 عينته حركة حماس مسؤولًا عن ملف الأسرى “الإسرائيليين” لديها، وكلفته بقيادة المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال “الإسرائيلي”، وفي السنة نفسها صنفته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة “الإرهابيين الدوليين”، كما وضعته “إسرائيل” على لائحة المطلوبين للتصفية في قطاع غزّة. انتُخب يوم 13 شباط/شباط 2017 رئيسًا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزّة خلفًا للشهيد إسماعيل هنية الذي تسلّم قيادة حركة حماس.
حاول في هذه الفترة إصلاح العلاقات بين حركة حماس في غزّة والسلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح في الضفّة الغربية، وإنهاء حالة الانقسام السياسي في الأرضي الفلسطينية ضمن مصالحة وطنية، إلا أن هذه المحاولات انتهت بالفشل.
عمل أيضًا على تحسين العلاقات مع مصر، حيث التقى ضمن وفد قيادي وأمني مع قيادات من المخابرات المصرية بالقاهرة سنة 2017، وتم التوصل لاتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود.
في آذار/مارس 2021، انتخب رئيسًا لحركة حماس في غزّة لولاية ثانية مدتها 4 سنوات في الانتخابات الداخلية للحركة. تعرض منزله للقصف عدة مرات، إذ قصفته طائرات الاحتلال ودمرته بالكامل عام 2012، وخلال العدوان على قطاع غزّة عام 2014، ثمّ خلال معركة سيف القدس في أيار/مايو 2021.