التهديد الأكبر لـ”سرائيل” يأتي من جهة حزب الله.. والخطر الواضح والفوريّ هو التصعيد من لبنان
أكّدت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أنّ استمرار الأزمة السياسية والخلافات الداخلية، في الكيان الصهيوني، تزامنًا مع تداعيات الحرب على غزة أدى إلى تآكل “الردع الإسرائيلي” ووضع “إسرائيل” في إحدى نقاط ضعفها منذ قيامها، لكنها رأت أن “التهديد الأكبر لـ”سرائيل” يأتي من جهة حزب الله.. والخطر الواضح والفوريّ هو التصعيد على الساحة اللبنانية.
وكشف حاييم لفينسون، في تقرير للصحيفة الصهيونية أن: “رئيس لواء الأبحاث، في شعبة الاستخبارات (أمان)، العميد عميت ساعر حذّر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من أن “الأزمة السياسية والاجتماعية في “إسرائيل”، والتي فاقمتها مساعي ائتلافه الحاكم إلى إضعاف القضاء؛ تشجّع إيران وحزب الله و”حماس” على المخاطرة باتخاذ إجراءات أو تحرّكات ضدّها، وحتى القيام بذلك في الوقت ذاته”.
وكتب ساعر في رسائل بعث بها إلى نتنياهو، في شهرَي آذار/ مارس، وتموز/ يوليو الماضيين، في قلب الجدل الدائر حول طبيعة التحذير الذي أطلقه الجيش “الإسرائيلي” من التبعات الأمنية للانقلاب القضائي “نرى تخبطًا حول مسألة ما إذا كان يجب الجلوس على السياج والسماح “لإسرائيل” بمواصلة إضعاف نفسها، أو القيام بمبادرات وزيادة تفاقم وضعها”.
وفقًا للصحيفة، ساعر توجّه إلى نتنياهو في 19 آذار/ مارس، قبل أسبوع من المحاولة الأولى للمصادقة على القوانين الرامية لإضعاف القضاء، ومحاولة عزل وزير الحرب يوآف غالانت، وفي 16 تموز/ يوليو، أي قبل أسبوع من التصويت على إلغاء حجّة “عدم المعقوليّة” في الكنيست. وأضاف حاييم لفينسون، بأن ساعر أرفق بكل رسالة، ملحقًا بمعلومات استخباراتية أولية، ما قاده إلى التحليل القصير الذي يحذّر من خطر وشيك لتصعيد عسكريّ.
في الوثيقة الأولى التي كانت تحت عنوان: “الأشياء التي يرونها من هناك – كيف يُنظر إلى “إسرائيل” في المنظومة؟”، أشار ساعر إلى أن: “جميع اللاعبين في المنظومة يشيرون إلى أنّ “إسرائيل” تعيش أزمة حادّة وغير مسبوقة، تهدّد تماسكها وتُضعفها. بالنسبة إلى أعدائنا الرئيسيين، إيران وحزب الله و”حماس”، فإنّ هذا الضعف هو تعبير عن مسار مستقيم سينتهي بانهيار “إسرائيل”، والوضع الحاليّ هو فرصة لتسريع وتعميق أزمتها”.
الاتجاهات التي أشار إليها رئيس لواء الأبحاث هي الإضرار بالردع، وإمكان توحيد الساحات، وفُرصة للمس بالتماسك والإضرار بالإسرائيليين في الساحة القانونية والدولية. وأوضح أن “هذا التحليل ليس رؤية تحليليّة للواقع، بل هو الأساس لتقييم القيادة ورجال الاستخبارات ومنظومات الاتصالات للوضع. إنه يؤدي بالفعل إلى تغييرات في عملية اتخاذ القرار، والمجازفة من مختلف اللاعبين الذين يقومون بتحليل واستخلاص التداعيات من الوضع الداخلي في “إسرائيل””.
وكتب ساعر أن: “الأزمة الداخلية تخلق قيودًا كبيرة على “إسرائيل”، تجعلها تحاول تجنّب التصعيد الأمني، وتجعل من الممكن زيادة المخاطر التي تواجهها. لذلك يُضاف إلى ذلك التقدير بأن الدعم الأميركي والأوروبي لـ”إسرائيل” يتآكل، بطريقة تقلّل من قدرتها على التعامل مع أزمة أمنيّة واسعة”.
وفي ما يتعلّق باحتمال تكاتف أعداء “إسرائيل” ضدها؛ كُتب أنه: “جرى تشخيص فرصة لخلق عاصفة شاملة، وأزمة داخلية وتصعيد واسع في الساحة الفلسطينية، وتحدٍّ من جبهات أخرى، ما يخلق ضغطًا متعدد الأبعاد، ومستمرًّا. وفقًا لفهمنا، فإنّ هذه الرؤية تكمن وراء الدافع الكبير لدى “حماس”، لتنفيذ عمليات من الشمال، في الوقت الحاضر، كما أنها تشجع إيران على زيادة وكلائها لتنفيذ عمليات ضد “إسرائيل””.
وبحسب ساعر، “جميع اللاعبين يدركون أن هناك فرصة لتحركات للتأثير على الوعي، والتي من شأنها تعميق الانقسام الداخلي”.
وقبل ذلك، أشار إلى أن “جهات إضافية في إيران وحزب الله و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” تعتقد أن “إسرائيل”، في ظلّ ضعفها، يمكن أن تحوّل انتباه الرأي العام إلى الوضع الأمنيّ، وبالتالي تبادر إلى تصعيد”. وقال إن :”السلطة الفلسطينية تدرك أن الجمع بين الصورة السلبية الاستثنائية لبعض أعضاء الحكومة على الساحة الدولية، وتآكل الديمقراطية والنظام القضائي “الإسرائيلي”، يشكّل فرصة حقيقية لزيادة الضغط على “إسرائيل” في المحافل القانونية والسياسية”.
بعد أيام قليلة من إرسال الرسالة، دعا وزير الحرب يوآف غالانت إلى “وقف العملية التشريعية في هذا الوقت، الأمر الذي يؤدّي إلى خطر واضح وفوريّ على أمن الكيان”. وبعد 24 ساعة أعلن نتنياهو أنه أقال غالانت، وردًا على ذلك، خرج عشرات الآلاف للتظاهر في أنحاء البلاد ضد هذه الخطوة. فتراجع رئيس الحكومة عن القرار بعد بضعة أيام وألغى التصويت على قوانين الانقلاب المخطط لها قبل العطلة الشتوية للكنيست. وفي الأشهر التالية، جرت مفاوضات بين الائتلاف والمعارضة، لكن لم يتوصل إلى اتفاق قبل قانون إلغاء “حجة المعقولية”، عشية العطلة الصيفية للكنيست.
قبيل الجولة الثانية من التشريع، أُرسل إلى رئيس الحكومة رسالة عنوانها “تفاقم الأزمة الداخلية- تداعيات على الجانب الأحمر (العدو بلغة الاستخبارات). وبدأت بخلاصة: “إن تفاقُم الأزمة يعمّق تآكل صورة “إسرائيل”، ويؤدي إلى تفاقم ضعف الردع الإسرائيلي، ويزيد من احتمالات التصعيد”.
وفي حين كان اللاعبون الإقليميون متردّدين في البداية، بشأن عمّا إذا كانت هذه جولة أخرى من الأزمة السياسية المستمرّة؛ قدّروا مع مرور الوقت وتفاقُم الأحداث، أن هذه الأزمة العميقة وضعت “إسرائيل” في إحدى نقاط ضعفها منذ قيامها”.
وذكر ساعر أن: “هذا التقدير يُسمع في العلن، لكنه يُسمع أيضًا بشكل أصيل في صلب تقدير وضع أعدائنا، في غرف مغلقة ونقاشات مهنية للجهات الأمنية في إيران ولبنان وقطاع غزة. بالنسبة إلى أعدائنا، مع التركيز على النظام الإيراني وحزب الله، فإنّ الأمر لا يتعلق فقط بتقدير الوضع، بل بالتنفيذ الفعليّ لرؤيتهم الأساسيّة للعالم: “إسرائيل” دخيلة، ومجتمعها ضعيف ومنقسم، نهايته أن يختفي”.
القضية الأكثر إلحاحًا، وفقًا لرئيس لواء الأبحاث هي تآكل “الردع الإسرائيلي”. ويوضح: “الوضع يُلحق الضرر بثلاث ركائز تشكّل الردع: التحالف بين “إسرائيل” والولايات المتحدة وتماسُك المجتمع “الإسرائيلي”، وقوّة الجيش “الإسرائيلي”.
وفصّل بأنّ: “الارتباط بين الأزمتين يؤسِّس لرؤية لدى بعض اللاعبين، بأنّ الوضع الداخلي لإسرائيل، على أقل تقدير، سيمنعها من القيام بمبادرات عسكرية كبيرة، مع التركيز على هجوم في إيران وعملية في لبنان، وحتى خطوة كبيرة ضد حماس في القطاع”، لكنه أشار إلى أنه لا يوجد تغيير في ما يتعلق بالعمليات العسكرية في الضفة الغربية وفي سوريا.
وشدّد رئيس لواء الأبحاث على أن “الانشغال بالوضع “الإسرائيلي” لا يقتصر على المستوى النظري فقط، فمن المستحيل الفصل بين خطوات التحدي لحزب الله عند الحدود، والدفع نحو هجوم آخر على الأراضي “الإسرائيلية” (الفلسطينية)، وبين نقطة الضعف “الإسرائيلية”. ولا يمكن فصل أيضًا النيران المضادة للدروع من لبنان، والجهود المتزايدة لإدخال متفجرات قوية إلى يهودا والسامرة عن الشعور بأنّ هذا هو الوقت المناسب لتحدي “إسرائيل””.
في خلاصة كلامه، كتب العميد عميت ساعر أن: “التهديد الأكبر لـ”سرائيل” يأتي من جهة (الأمين العام لحزب الله سماحة السيد) حسن نصر الله.. الأزمة الداخلية لها تداعيات واسعة جدًا، مثل القدرة على خلق تهديد حقيقي ضد إيران، لكن في هذه المرحلة، الخطر الواضح والفوريّ هو التصعيد على الساحة اللبنانية، في ظلّ صورة ضعف وتضرُّر الردع، مقرونة بتحدي حزب الله المتزايد”.