لواء في جيش الاحتلال الصهيوني: نحن نغرق أكثر فأكثر في وحل غزة.. يجب إعادة النظر في مسار العمل
“كلما مرّ الوقت، نبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف الحرب: القضاء على حماس وإطلاق سراح المختطفين”، بهذه الكلمات أكد اللواء الاحتياط، في جيش الاحتلال الصهيوني، إسحاق بريك فشل الجيش في تحقيق أي من أهداف عدوانه المستمر على قطاع غزة، منذ 87 يومًا.
ففي تقرير نشره، في صحيفة “معاريف”، أكد بريك قائلًا: “نحن نغرق أكثر فأكثر في وحل غزة.. هذا بالضبط هو الوضع الذي وصلنا إليه اليوم”.
وكتب يقول: “هناك حالات في الحرب يجب إعادة النظر في مسار العمل فيها، اليوم من الواضح للجيش أنه في هذه المرحلة لن يكون بالإمكان تحقيق الهدف الكامل الذي من أجله خرجنا إلى الحرب – القضاء على سلطة حماس وقدراتها على مواصلة القتال. مجرد الاعتراف بعدم وجود نية للدخول إلى رفح، حيث تسيطر حماس سيطرة كاملة، لأنها المكان الأكثر ازدحامًا في غزة والشرق الأوسط بأكمله، حيث يعيش مليونا لاجئ في مخيمات اللاجئين، وبيئتهم مزدحمة بشكل رهيب. ولذلك من المستحيل مهاجمة هذه المخيمات، وبكلمة واحدة، من المستحيل القضاء على حماس هناك حيث يختلط جنودها باللاجئين”.
يضيف بريك: “إن عدم القضاء على حكم حماس في رفح وعدم السيطرة على الأنفاق الموجودة تحتها، والتي تعدّ بمثابة الممر الرئيسي للأسلحة من سيناء إلى القطاع، يعني أننا فشلنا في تحقيق المهمة الأساسية التي حددناها لأنفسنا في الحرب، ألا وهي: إسقاط حكم حماس”؛ لافتًا إلى أن الحركة تتمتع في رفح بحرية الوصول إلى خان يونس، ومن هناك – إلى شمال القطاع عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق المرتبطة ببعضها البعض، والتي ما نزال بعيدين جدًا عن تدميرها، حتى لو دمرنا أكثر من ألف فتحة نفق، فإن لدى حماس آلافًا أخرى، وبالتالي فإنّ التدمير الجزئي لا يؤثر فعليًا على حركتهم في الأنفاق”.
يتابع بريك: “من هنا؛ فإنّ استمرار قتال الجيش الإسرائيلي بالشكل الحالي في خان يونس، وفي الأحياء والبلدات في وسط قطاع غزة، لا يضيف إلى تحقيق أهداف الحرب. والعكس هو الصحيح، فهذا القتال يكبدنا كل يوم خسائر فادحة: من المتفجرات والأفخاخ التي يزرعها “المخربون” (المقاومون) لنا والصواريخ المضادة للدبابات التي تُطلق علينا”.
ويشدد بالقول: “لقد حان الوقت لإعادة تقييم طريقة القتال، أي تغيير النموذج والخروج من التجمعات السكانية الكثيفة، والهجوم الجراحي بالطائرات بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة ومداهمات برية فقط”.
وإذ يقرّ بريك أن جيش الاحتلال لم يحقق كل تمنياته المتمثلة بتجريد حماس من قدراتها، طالب المستوى السياسي والأمني بالخروج من “المعمعة التي لا فائدة منها”، وأن يعمل في المرحلة الثالثة من الحرب على مواصلة السيطرة على المنطقة بخسائر أقل، ومنع حماس من إعادة تنظيم صفوفها.
وقال: “كما يفهم بعض الوزراء وأعضاء الكنيست أن هذا هدفًا غير واقعي في هذه المرحلة، لكنهم يخشون التعبير عن رأيهم خشية اتهامهم بالإضرار بالروح القتالية للمقاتلين وبالهدف المتمثل بتدمير حماس. هكذا تنشأ حلقة مفرغة لا مخرج منها، من ناحية – نواصل القتال بأسلوب قتالي لم يعد فعالًا، ما يسبّب لنا خسائر فادحة ولا يأتي بالنتيجة المرجوة، ومن ناحية أخرى – لمّا ننتقل بعد إلى الأسلوب القتالي المتمثل في الضربات الجراحية بالطائرات والعمليات الموضعية المبنية على معلومات استخباراتية دقيقة، وهو أسلوب سيوفر لنا الكثير من الخسائر وأفضل النتائج بكثير”.
أضاف: “حتى من الناحية السياسية، ندور في “حلقة مفرغة” – وضعٌ لا مخرج منه، يعود بعد المرور بكل المواقف إلى الوضع الأولي من دون قدرة على إيقافه أو الخروج منه… أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف يعلنون، ليلًا نهارًا، أن القتال داخل قطاع غزة يجب أن يستمر بكل قوته حتى هزيمة حماس، بينما يتجاهلون الحقائق على الأرض ويعيشون واقعًا زائفًا”.
وأشار إلى أن: “الجناح الراديكالي في الائتلاف ليس مستعدًا، بأي حال من الأحوال، لعقد نقاش حكومي عن اليوم الذي يلي للحرب، خوفًا من اتخاذ قرار يسمح بدخول إدارة دولية تدير غزة. وبحسب فهمهم، فإنّ قطاع غزة يجب أن يبقى في أيدي “إسرائيل” سواء في الجانب الأمني أم في الجانب الإداري المدني إلى الأبد”.
ولفت إلى: “معنى هذا التوجه هو أن “إسرائيل” ستقبل المسؤولية عن مليوني لاجئ، وأي كارثة إنسانية ستكون على عاتق “إسرائيل”، وبذلك سنخسر دعم العالم بشكل عام ودعم الولايات المتحدة في الحرب، وسنخسر كل إنجازاتنا في الحرب التي دفعنا ثمنها باهظًا حتى الآن، لكن هذا لا يكفي، فوفقًا لنهجهم، ستستمر قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي في البقاء في المناطق ذات الكثافة السكانية في القطاع لسنوات عديدة وستواجه حرب عصابات مع حماس التي ستستمر في ملاحقتنا ووضع عبوات وأفخاخ لنا وإطلاق صواريخ مضادة للدروع على قواتنا وتتسبب لنا بخسائر فادحة”.
ويختم بريك محذرًا بالقول: “هذا النهج الراديكالي سيؤدي إلى استمرار خدمة بعض وحدات الاحتياط، ولن يتمكّن جنودها من الاندماج بشكل صحيح، سواء في العمل أم في معيشة منازلهم. وسيكون من الضروري توظيف وحدات نظامية في الميدان بدل تأهيلهم وتدريبهم. نهجهم سيؤدي أيضًا إلى حرب استنزاف مع حزب الله، يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق والإبقاء على وحدات احتياطية على طول الحدود الشمالية لأوقات طويلة جدًا، وأخيرًا ستؤدي أيضًا إلى تدمير اقتصاد “إسرائيل””.