بيرم من جنيف: العقد الاجتماعي الجديد يكون بالعدالة الإنسانية قبل الاجتماعية
دعا وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم “المنظمات الدولية لتقديم المساعدات إلى النازحين السوريين في بلدهم بدلاً من تشجيعهم على البقاء في لبنان كما هو حاصل حاليًا، فضلًا عن حق عودة المهجرين الفلسطينيين إلى بلدهم فلسطين وإنهاء مأساة تهجيرهم المستمرة ظلمًا منذ 75 عامًا بفعل الاحتلال الضارب بعرض الحائط لكل القرارات والإرادة الدولية وصوت الشباب الجامعي في كل العالم لوقف حرب الإبادة في غزة والإنهاء الفوري للجرائم ضد الإنسانية.”
وفي كلمة له خلال افتتاح مؤتمر العمل الدولي بدورته الـ 112، يوم أمس الثلاثاء في جنيف، أشار بيرم إلى أنه “لا يمكن مقاربة تقرير المدير العام لمنظمة العمل الدولية دون التعرض لوقائع أساسية هي الآتية: فأنا قد غادرت بلدي الحبيب لبنان جسديًا ولكن روحي بقيت مع أهل بلدي الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مستمر منذ ثمانية أشهر تحديدًا في جنوب لبنان، سبقته خروقات مستمرة وسافرة بلغت أكثر من 37 ألف خرق بري وبحري وجوي لسيادة لبنان منذ العام 2006، ما أدى إلى ضرب مئات المنشآت والمؤسسات وأماكن العمل لأصحاب العمل والعمال الذين تهجروا من قراهم وفقدوا أعمالهم ومصدر عيشهم، فضلاً عن تدمير مئات المنازل المدنية بما يخالف أبسط المعايير الحاكمة للأعمال العسكرية، بالإضافة إلى استهداف مناطق المدنيين بالفوسفور المحظور دوليًا، إضافة إلى مئات آلاف القنابل العنقودية التي حصدت وما زالت أرواح المزارعين والفلاحين والأطفال والنساء، وهذا يناقض ما ورد في تقرير المدير العام أحد أهم مواضيع المؤتمر عن مراعاة البيئة والعمل الأخضر والسلامة والعمل الآمن” .
وأكد بيرم أن “هذا لم يمنعنا من الإصرار على إرادة الحياة وتكريس دور الدولة من خلال تفعيل الحوار الاجتماعي الثلاثي الذي بلغ أكثر من 25 اجتماعاً في لجنة المؤشر لزيادة أجور العمال وإرساء التدريب المهني المعجل لتعزيز المهارات لملاقاة الفرص وتعزيز المرونة، واعتماد معايير الحوكمة والشفافية عبر إطلاق مسار المعاملات الإلكترونية بتكلفة صفر على خزينة الدولة عبر شراكات بناءة بين القطاعين العام والخاص بما يضمن أعلى درجات الثقة والشفافية عبر تحقيق النتائج الملموسة بما يمنع الفساد ويسهل أمور المواطنين ويعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها وتكريس ثقافة القانون الذي وجد طريقه إلى ملفات متصلة بحقوق الإنسان، لا سيما العمال وخاصة العاملات الأجنبيات، حيث نظمنا هذا القطاع وواجهنا المخالفين وأقفلنا مكاتبهم على طريق متابعة مسار الإصلاح الضروري منعاً للإتجار بالبشر والعمل القسري ولرفع مستوى سمعة وطني لبنان” .
وتابع: “هذا كله في ظل صعوبات اقتصادية كبيرة أثقلت كاهل البلد، لا سيما أزمة نزوح السوريين، والذين فاق عددهم ثلث سكان لبنان، وهذا لا مثيل له في العالم مما يوجب عودتهم إلى مناطقهم الآمنة من الإرهاب في سورية، وهي مناطق باتت تشكل ما يزيد عن 70% من بلدهم الشقيق لنا”، مضيفًا أن “هذا أمر يجب أن يترافق مع قيام المنظمات الدولية بوجوب تقديم المساعدات لهم في بلدهم بدلاً من تشجيعهم على البقاء في لبنان كما هو حاصل حاليًا، فضلًا عن حق عودة المهجرين الفلسطينيين إلى بلدهم فلسطين وإنهاء مأساة تهجيرهم المستمرة ظلماً منذ 75 عامًا بفعل الاحتلال الإسرائيلي الضارب بعرض الحائط لكل القرارات والإرادة الدولية وصوت الشباب الجامعي في كل العالم لوقف حرب الإبادة في غزة والإنهاء الفوري للجرائم ضد الإنسانية “.
واعتبر بيرم أن “غزة تشكل اختبارًا لشعارات حقوق الإنسان التي تطبق بمعايير غير عادلة، ولضمائرنا وإنسانيتنا، حيث تميز هذا الإجرام المستمر عن كل الجرائم المرتكبة سابقاً بأنه يتم ارتكابه عبر البث المباشر، وحيث يعلن المعتدون نواياهم الإجرامية أمام كل الشاشات لنشاهد بعدها قتلهم للأطفال والنساء وتدمير كل مظاهر الحياة وخسارة مئات آلاف العمال لأعمالهم وتدمير آلاف المعامل والمصانع والمنشآت والمحلات التي تشكل مصدر عيش لأهالي غزة المحاصرين أصلًا منذ سنوات طوال، فضلاً عن تدمير المستشفيات في فعل غير مسبوق والمساجد والمدارس والكنائس، ويمنع بكل وقاحة أي مساعدة للناس في حصار يشكل وصمة عار لكل البشرية التي عليها واجب إلزام المعتدي بالوقف الفوري لحرب الإبادة هذه. وهذا يناقض بقوة أيضاً ما ورد في تقرير المدير العام عن الحق البديهي بالحصول على الغذاء” .
وشدد على أن “العقد الاجتماعي الجديد الذي هو أساس في تقرير المدير العام لمنظمة العمل الدولية، لا يكون إلا بالعدالة الإنسانية قبل الاجتماعية وعدم التعرض لأبسط الحقوق الأساسية للإنسان… فلنا حق بالحياة والأمان والسلام والغذاء، والتعلم والكرامة وسنناضل من أجل هذه الحقوق”.