قفزة في إطلاق النار نحو عمق الشمال والمستوطنات الأبعد: “حزب الله مستعد لحرب استنزاف”
13 % من جميع هجمات حزب الله منذ اندلاع الحرب تم تنفيذها في نطاق يزيد عن 5 كيلومترات من خط الحدود “الإسرائيلية” اللبنانية، وفقًا لتحليل جديد أجراه “مركز علما” لدراسة التحديات الأمنية في الشمال. وبحسب البيانات، فمن الواضح أن منحى الزيادة الكبيرة في إطلاق النار على المناطق التي لم يتم إخلاؤها بدأ في أيلول/سبتمبر، حينها نفذ حزب الله 160 هجومًا على هذه المناطق، بزيادة قدرها 255%.
وفي العام الماضي من القتال على الحدود الشمالية، قام حزب الله بتوسيع نطاق إطلاق النار باتّجاه “إسرائيل” بشكل كبير. ويشير التقرير، الذي يلخص أنشطة المنظمة في الفترة من 8 أكتوبر 2023 إلى 1 أكتوبر 2024، إلى منحى مثير للقلق يتمثل في زيادة الهجمات في عمق “إسرائيل”، بما في ذلك المناطق التي لم يتم إخلاؤها. وتمثل هذه النتيجة زيادة كبيرة مقارنة بالتقرير الصادر في تموز/يوليو، حيث كان نحو 6% فقط من الهجمات خارج هذا النطاق.
وحتّى بعد أشهر عديدة من تبادل الضربات، وبعد انتقال ساحة القتال المركزية إلى الحدود الشمالية، لا تزال “إسرائيل” تواجه صعوبة في التعامل مع تهديد طائرات حزب الله المسيّرة، وفقًا لبيانات “مركز علما”، منذ ذلك الحين وحتّى 14 تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام، تم تسجيل 559 حادثة لطائرات مسيرة من لبنان إلى “إسرائيل”. وبحسب تقديرات المركز فإن عدد الطائرات المسيرة والمحلقات التي تم إطلاقها فعليًا يصل إلى نحو 1500.
لقد اكتسب حزب الله خبرة كبيرة في تشغيل الطائرات المسيرة في العام الماضي، وتمكّن من التسبب في عدد لا بأس به من الضحايا بين “المدنيين” وخاصة بين جنود “الجيش الإسرائيلي” في القواعد البعيدة. منذ بداية الحرب وحتّى اليوم، قُتل 13 شخصًا نتيجة لهجمات الطائرات المسيرة التي شنتها المنظمة “الإرهابية” الشيعية. ووقعت الحادثة الأخطر يوم الأحد الماضي، عندما انفجرت طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله في غرفة الطعام في قاعدة “غولاني” بالقرب من “بنيامينا”، وأدت هذه الإصابة إلى مقتل أربعة جنود وإصابة 58 آخرين، سبعة منهم في حالة خطيرة.
مثال آخر على التهديد جاء قبل خمسة أيام، عشية “يوم الغفران”، مع إصابة مباشرة بطائرة مسيّرة انطلقت من لبنان على منزل محميّ في “هرتسيليا”، وقبل أربعة أيام، تم اعتراض هدفين جويين “من جهة الشرق” فوق “ريشون لتسيون”. وقبل نحو أسبوعين، قُتل جنديان وأصيب 24 آخرون في غارة جوية بطائرة مسيّرة انطلقت من العراق في شمال الجولان. وفي ذلك الأسبوع، أطلق الحوثيون من اليمن ثلاث طائرات مسيرة باتّجاه “غوش دان”، وتم اعتراض اثنتين منها وانفجرت واحدة في منطقة مفتوحة.
وتشير البيانات إلى أن 5% من جميع هجمات حزب الله تم تنفيذها في مناطق تقع ضمن نطاق 5 – 10 كيلومترات من الحدود، و4% في نطاق 10 – 20 كيلومترًا، و2.7% في نطاق 20 – 40 كيلومترًا، وتقريبًا نسبة كاملة لمناطق تبعد أكثر من 50 كلم عن الحدود. أي أن 13% من الهجمات تم تنفيذها على مسافة تزيد عن 5 كيلومترات من خط الحدود – وهي زيادة كبيرة مقارنة بالتقرير السابق من شهر تموز/يوليو، حيث كان حوالي 6% فقط من الهجمات خارج هذا النطاق.
وعلى الرغم من التوسع الكبير في نطاق إطلاق النار، فإن الغالبية العظمى من الهجمات – 87% – لا تزال تنفذ في نطاق يصل إلى 5 كيلومترات من الحدود، إلا أن هذا يمثل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بالتقرير السابق من يوليو 2024. حيث كانت 94.3% من الهجمات ضمن هذا النطاق.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تم تنفيذ 3,235 هجومًا ضدّ “إسرائيل” على الحدود الشمالية، وكان “هار دوف” المنطقة العسكرية التي تعرضت لأكبر عدد من الهجمات – 448. ومن بين المستوطنات “المدنية” الأكثر تعرضًا للهجوم هي “كريات شمونة” (69 هجومًا)، والمطلة (67 هجومًا) والمنارة (61 هجومًا).
وفي أيلول/سبتمبر، حدثت زيادة كبيرة في هجمات حزب الله ضدّ المناطق التي لم يتم إخلاؤها في “إسرائيل”. ومن 33 هجموم في بداية الشهر، قفز العدد إلى 160 هجوما بنهاية الشهر، أي بزيادة قدرها 255%. وكانت نقطة التحول في 17 أيلول/سبتمبر، وهو اليوم الذي بدأ فيه “هجوم البيجرات” المنسوب إلى “إسرائيل”، حينها انتقل “الجيش الإسرائيلي” من سياسة “الدفاع الفعال” إلى سياسات هجومية أكثر. ونتيجة لذلك، وقع 127 هجومًا في الفترة ما بين 17 و30 أيلول/سبتمبر ونُفذت في مناطق لم يتم إخلاؤها، مقارنة بـ 33 فقط في بداية الشهر.
وفقًا لبيانات الجيش الإسرائيلي، منذ بداية الحرب، تم إطلاق نحو 1200 طائرة مسيّرة على “إسرائيل”، من جميع الساحات. وفي المجمل، تم تسجيل حوالي 23 ألف عملية إطلاق مختلفة، بما في ذلك الصواريخ والقذائف الصاروخية. وضربت نحو 221 طائرة مسيّرة الأراضي “الإسرائيلية”، وتم اعتراض الباقي بنسبة اعتراض بلغت نحو 80%.
وبحسب طل باري، على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بمستودعات أسلحة حزب الله في جميع أنحاء لبنان في سلاح الجو، والتقديرات بأن ثلثي قوة نيرانه الصاروخية قصيرة ومتوسطة المدى قد تضررت، فإن حزب الله يثبت أنه لا يزال يمتلك قدرات يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة بالأرواح والممتلكات.
ويقول باري: “إن حزب الله مستعد لحرب الاستنزاف ضدّ “إسرائيل” التي كان يستعد لها. إن الاستنزاف الذي انعكس في استمرار إطلاق النار والهجمات على “إسرائيل” وازدياد حدتها هو جزء من صورة النصر التي يحملها. وفي ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت به، يحتاج حزب الله إلى صور النصر وسيعمل على تحقيقها دائمًا، ولذلك ستزداد مع مرور الوقت وستزداد التقارير عن أي اتفاق سياسي مستقبلي”.
موقع “القناة 12”