تصفية السنوار لن تقرّب إعادة المخطوفين.. فقط ستخدم غرور نتنياهو
كتب الكاتب ومعلق الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة “هآرتس”، يوسي ميلمان، أنه تجدر الإشارة إلى أن الجيش “الإسرائيلي” لم يصل إلى السنوار بسبب معلومات استخبارية دقيقة بل من خلال اشتباك بالصدفة لجنود عاديين. وكان من الصعب أن نفهم كيف تمكّنت الأجهزة الاستخبارية العريقة (على الأقل حتّى إخفاق 7 تشرين الأول)، التي تعمل على استعادة هيبتها الجريحة، من الحصول على معلومات دقيقة عن مكان وجود حسن نصر الله وكبار قادته في لبنان، لكنّه فشل في الوصول إلى السنوار.
ويتبين اليوم أيضًا، خلافًا للتقديرات الاستخبارية التي تردّدت من دون أدنى تشكيك في وسائل الإعلام، أن جميع كبار مسؤولي حماس الذين قتلوا في غزّة لم يحيطوا أنفسهم بمخطوفين ليكونوا دروعًا بشرية.
يمكن للمرء أن يفهم أهازيج فرح “الإسرائيليين”، وانتشار صورة السنوار بين الأنقاض مع إضافة كتابة “صورة انتصار” والأعلام “الإسرائيلية”. وحتّى الجمهور العقلاني المستنير ليس محصنًا بين الحين والآخر من الرغبة في التعبير عن غضبه وفرحته بالانتقام. لكن “إسرائيل”، التي تشبه جيرانها في الشرق الأوسط أكثر فأكثر، بدأت تتبنّى تدريجيًا أنماط سلوكهم: التمثيل بالجثث، خطاب حربجي، ونشر الصور المروعة.
لا شك أن نتنياهو ووزير “الأمن” (الحرب) غالانت والحكومة “الإسرائيلية” سيتشجعون ويتعززون بمقتل السنوار، وسيزخّمون الإنجاز إلى أقصى حد في الأيام المقبلة، لأغراضهم السياسية. وبمساعدة مكتب العلاقات العامة، المعروف أيضًا باسم وحدة المتحدث باسم “الجيش الإسرائيلي”، سيتم استغلال عملية القتل لمساعدة رئيس الأركان هرتسي هليفي ورئيس “الشاباك” رونان بار، اللذين ما زال غير واضح متى يعتزمان الاستقالة، على نسيان مسؤوليتهما عن أكبر فشل في تاريخ “دولة إسرائيل”.
لكن علينا أن تتذكر أيضًا القائمة التالية: زهير محسن، فتحي الشقاقي، عماد مغنية، أحمد الجعبري، مروان عيسى، محمد ضيف، روحي مشتهى، إسماعيل هنية، حسن نصر الله، فؤاد شكر والآن يحيى السنوار، وجميعهم قادة أو مسؤولون كبار في حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي. لقد قضت عليهم “إسرائيل”، لكن منظماتهم، عقيدتهم الإسلامية وتقديس جهادهم، موجودو وستظل موجودة.
وفوق كلّ شيء، مقتل السنوار لن يؤدي إلا إلى زيادة غطرسة وغرور رئيس الوزراء وثقته بنفسه، الذي ليس لديه أي نية لإنهاء الحرب في غزّة أو لبنان، مهما كان الثمن في أرواح “الإسرائيليين”. شعار نتنياهو وأنصاره هو “نصر مطلق”، لكنّهم في الحقيقة يقصدون “حكمًا مطلقًا”.
“هآرتس” – يوسي ميلمان (معلق شؤون استخبارية ونووية)