حطّم “غرور” الكيان.. من هو يحيى السنوار؟
يحيى إبراهيم حسن السنوار، اسم أرّق الاحتلال “الإسرائيلي”، حتى ارتقى مقبلًا غير مدبر في أشرف المعارك دفاعًا عن المسجد الأقصى المبارك وعن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. وقد نال الشهادة بين إخوانه المجاهدين بطلًا مشتبكًا مع الغزاة الذين ظنوا أن غزة يمكن أن تكون لقمةً سائغةً لجيشهم الجبان.
من هو السنوار؟
هو رئيس حركة حماس في قطاع غزة ورئيس مكتبها السياسي، كانت “إسرائيل” تضعه على رأس قائمة أهدافها في حربها على قطاع غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، ووُصف السنوار بأنه العقل المدبر لها.
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة عام 1962، بعد أن نزحت أسرته من مدينة المجدل التي لا تبعد سوى 10 كم شمال القطاع، عقب احتلالها من “إسرائيل” في نكبة عام 1948.
تأثر السنوار في نشأته بحياة اللجوء الصعبة والقاسية مثل كل سكان المخيمات الفلسطينية في الداخل والشتات، ولكنه مع ذلك تمكن من تلقي التعليم في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، ثم من إتمام دراسته الجامعية حاصلًا على درجة البكالوريوس في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية في غزة، وهناك ظهرت بدايات نشاطه، إذ ترأس الكتلة الطلابية الإسلامية خلال دراسته الجامعية، وهو ما اعتُبر تمهيدًا لأدوار قيادية مستقبلية تكللت بدوره في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي أصبح في ما بعد أحد أبرز قادتها برفقة محمد الضيف، رفيقه في حياة اللجوء، ثم رفيقه في السلاح.
اعتقله الاحتلال “الإسرائيلي” عام 1982 وسجنه 6 أشهر بتهمة المشاركة في نشاطات أمنية ضد “إسرائيل”، كما اعتقل عام 1985 نحو 8 أشهر بتهمة تأسيس جهاز الأمن الخاص بحركة حماس، لكن الحكم الأثقل صدر عليه عام 1988 بالسجن 4 مؤبدات يُضاف إليها 30 سنة بتهم تأسيس جهاز أمني والمشاركة في تأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة الذي عُرف باسم “المجاهدين الفلسطينيي كلن”.
تنقل السنوار بين سجون عدة على مدار 23 عامًا، واصل فيها دوره القيادي بعد توليه قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، كما ساهم في إدارة المواجهة مع إدارة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تعلّم السنوار خلال سنوات سجنه اللغة العبرية باتقان، وأصدر ترجمات لكتاب “الشاباك بين الأشلاء”، لكارمي جيلون، وكتاب “الأحزاب الإسرائيلية عام 1992″، كما ألّف رواية تحكي قصة النضال الفلسطيني بعد نكسة عام 1967 بعنوان “شوك القرنفل”، إضافة إلى كتاب “حماس: التجربة والخطأ” الذي تحدث فيه عن تجربة الحركة وتطورها منذ عام 1986، وانتهاء بكتاب “المجد” الذي رصد فيه عمل جهاز “الشاباك” في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية.
23 عامًا قضاها السنوار أسيرًا، وعلى الرغم من رغبة الاحتلال الذي أراد أن يبقيه في السجن حتى الموت، أجبرت حماس سلطات الاحتلال على الإفراج عنه في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011 التي تم فيها تحرير 1027 أسيرًا فلسطينيًّا مقابل الجندي “الإسرائيلي” جلعاد شاليط الذي كان في قبضة المقاومة.
لم يلبث السنوار بعد تحريره أن شارك في الانتخابات الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية حماس عام 2012، ليفوز بعضوية المكتب السياسي للحركة، إضافة إلى مهامه في الإشراف على الجهاز العسكري لكتائب عز الدين القسام. ثم ما لبث أن تم تعيينه مسؤولًا عن ملف الأسرى الصهاينة لديها عام 2015، ليقود المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال “الإسرائيلي”.
ثلاث سنوات مضت بعد ذلك، قبل أن ينتخب يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة عام 2017، الأمر الذي اعتُبر بحسب متابعين للصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” فصلًا جديدًا في تاريخ الحركة.
عمل السنوار منذ انتخابه رئيسًا للحركة في قطاع غزة على تحسين العلاقات بين حركة حماس في غزة والضفة الغربية كما عمل على تطوير العلاقات مع مصر، وتجلى ذلك من خلال التوصل إلى اتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود مع قادة أمن مصريين. وهي معطيات اعتبرتها الحركة والمتابعون للشأن الداخلي الفلسطيني نجاحًا للسنوار على جميع الأصعدة، رشحه ليفوز بعد ذلك بدورة ثانية من رئاسة الحركة في القطاع عام 2021.
وفي عام 2021، اتخذ قرار إطلاق معركة “سيف القدس”، تلك المعركة التي تحدّى فيها الشهيد السنوار “إسرائيل” لتغتاله، والتي بشّر فيها أهله بأنّ “ضرب “تل أبيب” أسهل علينا من شربة ماء”.
وفي عام 2023، أطلق معركة “طوفان الأقصى” التي أعلنها القائد العام لكتائب القسّام، أبو خالد محمد الضيف، صبيحة ذلك السبت، في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر. زلزل السنوار الأرض تحت “إسرائيل”. عبرت المقاومة نحو الأراضي المحتلة، وسارت منذ تلك اللحظات بالفلسطينيين ومحور المقاومة الذي عزّز السنوار العلاقة به، نحو تحرير فلسطين، كل فلسطين، بل المنطقة بأسرها، من “إسرائيل” والولايات المتحدة.
سبق تحدي السنوار “إسرائيل” لتغتاله عدة محاولات لذلك، فقصف الاحتلال منزله في عدوانه على غزة عام 2012. ثم في عام 2021، عام “سيف القدس” الذي امتشقه السنوار ولم يغمده حتى الرمق الأخير، قصف الاحتلال أكثر من مكان محاولاً الوصول إليه. وتكرر ذلك خلال “الطوفان الهادر” الذي بشّر به أبو إبراهيم، إذ اقتحم أكثر من مكان في محاولات لاستهدافه.
وبعد كل ذلك، استشهد القائد الفلسطيني مقبلًا غير مدبر، مصوّبًا سلاحه نحو “إسرائيل”.
المصدر: وكالات فلسطينية