نتنياهو وغالانت يجدان صعوبة في الانتقال إلى المرحلة الثالثة في غزة
قال المحلّل السياسي، في موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ناحوم برنياع: “إنّ “إسرائيل” تخوض حربًا “عادلة” فرضتها عليها حماس منذ أشهر”؛ مضيفًا: “لكن حتى الحرب العادلة يجب أن تُجرى ضمن مراعاة محدودية القوة ومصالح “الدولة” على المدى الطويل”؛ بحسب تعبيره.
ونقل برنياع، عن وزير الحرب يوآف غالانت، قوله: “إنّ “إسرائيل” تتعرّض لهجمات من ست جهات، في إشارة إلى غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية واليمن وإيران”. ولفت برنياع إلى أنّ: “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رفض اقتراح الوزير في كابينيت الحرب غادي آيزنكوت، أول من أمس، حول إجراء مداولات بخصوص خطة الجيش الإسرائيلي لتغيير حجم القتال”، مضيفًا أن: “غالانت منع ضابطًا كبيرًا الأسبوع الماضي من طرح الخطة نفسها للتداول في هيئة يرأسها أيضًا”.
وتابع أنه: “يوجد حاليًا موافقة شاملة – أو تكاد تكون شاملة – على أن الواقع يستوجب الانتقال للمرحلة القادمة، وبالرغم من ذلك، فإنّ نتنياهو وغالانت يؤخران المداولات ولكل منهما أسبابه”، مردفًا: “للانتقال إلى المرحلة الثالثة وتقليص حجم القوات في القطاع أسباب واضحة، حيث إن قرابة الخمس فرق عسكرية تعمل في القطاع اليوم، وثمة حاجة لعدد من القوات في الشمال بسبب احتمال تدهور الوضع هناك، بينما على قسم من عناصر الاحتياط أن يعودوا إلى بيوتهم وأعمالهم”.
وأكد برنياع أن: “السبب المركزي والحاسم هو التغيير المطلوب للقتال في غزة، حيث يحدث هناك تطور كان بالإمكان توقعه مسبقًا”، مضيفًا: “وبينما تتراجع الفائدة العسكرية من تطهير أي فتحة نفق وأي بيت مشتبه، فإنّ الثمن باستهداف قواتنا آخذ بالارتفاع”.
ولفت برنياع إلى أن: “جهات في الجيش الإسرائيلي قدرت أنه حتى اليوم دمرنا 20% من قوة حماس العسكرية، وهناك تقديرات أعلى أيضًا، لكنّ أيًا منها لا تتحدث عن تدمير شامل”، مردفًا: “قيادة حماس العسكرية صمدت بغالبيتها”، مدعيًا أن: “حماس فقدت معظم معاقل الحكم، لكنها لم تفقد الحكم على معظم الغزيين، في حين يتطلب استمرار القتال أساليب مختلفة، وبحجم مختلف وتوقعات مختلفة” وفقًا لقوله.
وقال: “النتيجة هي أن ما كنا نصفه في الحروب السابقة بأنه “مراوحة”، بات في الحرب الحالية “تورطًا””، مضيفًا أن: “الحرب قاسية وتستدعي إصابات، لكن لا توجد فيها بشائر كبيرة، وحتى لو جرى تصفية أو اعتقال قادة حماس الثلاثة، يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى، فإنّ الوضع الأساسي لن يتغير”.
وتابع: “المشكلة هي الفجوة بين التوقعات والواقع، وبشكل طبيعي، فإنّ الانتقال من المرحلة الثانية إلى الثالثة يستدعي إجراء تلخيص مرحلي، ومقارنة بين الأهداف التي طُرحت والأهداف التي تحققت، فيما يواجه نتنياهو وغالانت مصاعب في التوصل إلى هذه المقارنة، ولقد خلقا توقعات عند الجمهور، وكذلك في صفوف الجنود، بالحسم، والتدمير، والتصفية، وبانتصار يمحو إخفاقات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهما مستمران في ذلك؛ الآن أيضًا، في حين أن التوقعات ليست واقعية، والتصريحات ليست واقعية أيضًا، وهي تنضم إلى أخطاء سبقت هجوم حماس، والخطاب ابتلع الإستراتيجية، والشعبوية ابتلعت الجوهر، وهذه صورة مأساوية”.
وقال إن: “التريث باتخاذ القرارات المتعلقة بغزة إشكالي من ناحية أخرى، فهو يسلب الانتباه إلى الجبهات الخمس الأخرى التي تُهاجم “إسرائيل” منها، ولعبة الشطرنج المعقدة التي تخوضها “إسرائيل” مع إيران، من لبنان حتى البحر الأحمر والمحيط الهندي، ومن غزة في الغرب حتى طهران في الشرق، ومن اليمن حتى دمشق، تتحول تدريجيًا إلى لعبة طاولة زهر، التي سيكون فيها الحظ أو انعدام الحظ ثقلًا حاسمًا”.
وشدّد على أن: “المرحلة الثالثة ستنفذ في نهاية الأمر، وهي لن تكون جنة عدن، لا بأمن الجنود مقابل ما سيتبقى من حماس، ولا بمواجهة الوضع الإنساني، وعلى ما يبدو فإنّ حياة الأسرى لن تكون مضمونة، وعندها ستأتي المرحلة التي يخشاها نتنياهو أكثر من أي شيء آخر، وهو النقاش حول السيطرة في القطاع، وأي حل سيكون مقرونًا بمشاركة جهات فلسطينية، وأي مشاركة فلسطينية ستؤدي لانهيار تحالفه مع من يُسمى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش” وفقًا لتعبيره.