تحليل “اسرائيلي”: إذلال حزب الله بات أكبر ممّا يمكن تحمّله
قال المحلّل الصهيوني رفيف دروكر “في الأشهر الثمانية الأولى من الحرب لم يكن لدى صنّاع القرار نية حقيقية للدخول في حرب برية ضد لبنان. لقد هددوا بأقوال متبجحة مثل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) سيرتكب خطأ حياته”، لكن كان من الواضح لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن (الحرب) يوآف غالانت والقيادة العسكرية أنه لا جدوى من مواجهة كهذه، لن تحقق نتائج لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية، وأن الثمن قد يكون ثقيلًا”.
دروكر الذي يُعدّ من أبر المحلّلين السياسيين في القناة 13، كتب في صحيفة “هآرتس”: “في الأسابيع الماضية، تغيّر الوضع بعض الشيء. الإذلال من طرف حزب الله بات أكبر ممّا يمكننا تحمّله. تشويش الروتين في الشمال، و اختراق الطائرات المسيّرة، والضربات التي تتلقاها “إسرائيل” أكثر مما يستطيع نتنياهو تحمُّله. فجأة، وُلدت حرب “رخيصة”، الآن، لا نريد إعادة لبنان إلى العصر الحجري، ولا نريد احتلال جنوبه حتى الليطاني. يتحدثون عن مناورة برية محدودة لبضعة كيلومترات، الهدف منها توجيه رسالة إلى سكان الشمال: تهديد الاختراق البري على نمط السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تمت إزالته، عودوا إلى منازلكم. وأيضًا اتفاق التسوية الذي تم الانتهاء منه عمليًا، لا يمكن تطبيقه. منذ البداية، كان منوطًا بتسوية في الجنوب، وهي لا تبدو في الأفق. صفقة الأسرى أصبحت غير ممكنة، ويبدو أننا في الطريق إلى حرب استنزاف في غزة”.
وتابع “هذه الأمور تجعل المناورة البرية في الشمال ممكنة للمرة الأولى. وهذا القرار سيكون سيئًا. الوضع صعب ومُهين، لكن المناورة على هذا النمط يمكن أن تجعله أسوأ. من الصعب رؤية كيف يمكن تحصيل أي فائدة منها.. لا أحد يريد العودة إلى خطأ الحزام الأمني. وبعد أن يخرج الجيش، لن يكون ممكنًا الادعاء فعلاً أن تهديد التسلل البري أزيل كليًا. في جميع الأحوال، ستعود الأطراف إلى اتفاق تسوية مطروح أصلًا على الطاولة”.
وأردف “قضية إشكالية أخرى: الضربات التي ستواجهها الجبهة الداخلية الإسرائيلية يمكن أن تسبب أضرارًا مؤلمة، لكنها يمكن أن تحوّل المناورة “الصغيرة” إلى حرب شاملة. “إسرائيل” لن تستطيع عدم الرد بقوة أكبر على انقطاع الكهرباء وعلى إصابة منشآت إستراتيجية. وهذا الرد أيضًا يمكن أن يواجه تحديًا مستحيلًا”.
وأكمل “لبنان هو حزب الله، وحزب الله هو لبنان. هل تستطيع “إسرائيل” في وضعنا الآن، في ظل أوامر اعتقال في لاهاي وتسونامي سياسي وعزلة غير مسبوقة، أن تضرب بنى تحتية بينما يحاول العالم الغربي، بكل قوته، إبقاء لبنان على قيد الحياة؟ وإذا قمنا بهذا على الرغم من كل ما سبق، فما الذي سندّعيه ضد حزب الله والضرر الذي سيُلحقه بمنشآتنا الإستراتيجية التي ستحولنا، من جملة الأمور، إلى دولة خطِرة للاستثمارات الأجنبية في الأعوام المقبلة؟”.
وبحسب دروكر، من المحزن جدًا ألّا يتجرأ يائير لبيد وبني غانتس، مرة أُخرى، على معارضة هذه المناورة علنًا. هذا السلوك محبط، وبصورة خاصة بالنسبة إلى غانتس. عملية في رفح؟ أردنا هذا سابقاً. مَن المسؤول عن تجاهُل صفقة التبادل؟ حماس. وهو ذاته ما يتكرر لدى الحديث عن خروج دونالد ترامب من الاتفاق النووي بدفع من نتنياهو، وبالتعامل العام مع الاتفاق. غانتس يتخوّف من خسارة أصوات الوسط – يمين، وعلى الطريق، يخسر الأمر الأكثر أهميةً: القيادة.
وختم “ما الذي يمكن القيام به فعلًا في الشمال؟ لا توجد احتمالات جيدة، لكن إليكم الأقل سوءًا بينها: “إسرائيل” تنسحب بشكل أحادي من غزة، وتعلن أن الحرب مع حماس مستمرة، وأننا نحتفظ لأنفسنا بحق حرية العمل والعودة عندما تستدعي الحاجة؛ والتوصل إلى تسوية في الشمال، وتعزيز خطوط “الدفاع” عن المستوطنات وعن الخطوط الحدودية في الشمال والجنوب.. قد يكون هذا الخيار بعيداً عن “الانتصار المطلق”، لكن على الأقل ليس “هزيمة مطلقة”، وهي الاتجاه الذي نسير إليه الآن”.